strong>مهدي السيد
دعوة إلى وزراء الخارجية العرب لمساعدة أولمرت «المكبَّل بالأغلال»

تعكس تعليقات الصحف العبرية إزاء نتائج مؤتمر أنابوليس انطباعاً مفاده أن «الضعفاء الثلاثة»، أي «بوش ـــــ أولمرت ـــــ أبو مازن» هم الذين سيخرجون رابحين، لا القضية التي تشكل مناسبة لعقد المؤتمر. يبدو ذلك واضحاً من إشارة معظم التقارير إلى النقاط الإيجابية التي سيحصدها الرئيس الأميركي جورج بوش وإدارته بسبب مستوى المشاركة العربية، ومن المكسب الذي سيحققه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من خلال تعزيز مكانته وتأكيد شرعية تمثيله الحصرية، ومن التأكيد على عدم وجود أي احتمال لخروج إسرائيل خاسرة نظراً لضبط إيقاع توقعات المؤتمر وعدم اضطرارها إلى تقديم «أي تنازلات».
ويرى رون بن يشاي، في «يديعوت أحرونوت»، أن «الهدف الحقيقي والأساسي الذي ترمي إليه الإدارة الأميركية من وراء مؤتمر أنابوليس هو القيام باستعراض للقوة الدبلوماسية كي تثبت للجميع قوة الموقع الذي تحظى به في الشرق الأوسط وفي السياسة العالمية».
وبحسب يشاي، تنبع حاجة الولايات المتحدة إلى هذا الاستعراض للقوة، ما يبدو أنه ضعف في موقعها على الحلبة الدولية، إثر الضربات التي تلقتها في العراق وإيران وباكستان وغزة وأفغانستان. ويستدل يشاي على صحة تشخيصه للهدف الذي لأجله تعقد إدارة بوش مؤتمر أنابوليس، من خلال الإشارة إلى عدد من الإشارات: أولاً، قائمة المدعوين الطويلة التي تضم ما يزيد على أربعين دولة وهيئة دولية، بعضها لا صلة له بالنزاع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني؛ الثاني، يتمثل في الهدف الرسمي المتواضع جداً الذي وُضع للمؤتمر، والذي من المفترض أن يكون مثيراً جداً من حيث كمية المشاركين ونوعيتهم، حيث إنه بغية الإعلان عن إعادة انطلاق المفاوضات غي التسوية الدائمة، والإعراب عن التأييد الدولي لها، ليس ثمة حاجة لعقد حدث حاشد كهذا يستمر لساعات فقط.
وبالانتقال إلى المعايير التي ستحدد نجاح المؤتمر أو فشله، يشير يشاي إلى أن «المقياس الأساسي هو الذي سيشارك ومستوى الممثلين الذين سيُرسلون إلى أنابوليس. فحضور على مستوى وزراء الخارجية وما فوق سيكون نجاحاً للولايات المتحدة. والمقياس الثاني للنجاح سيكون الإعلان المشترك بغطاء عالمي: إذا لم يُقرأ في نهاية القمة إعلاناً إسرائيلياً ـــــ فلسطينياً، وإذا لم يُعرب المشاركون عن تأييدهم له، فسيُعَدُّ المؤتمر فاشلاً».
ويضيف يشاي أنه إلى جانب الاعتراف الجارف بزعامتها، فإن إدارة بوش معنية بالحصول على ثلاثة إنجازات أُخرى من أنابوليس: تأييد دولي لخطة «خريطة الطريق»؛ اعتراف بأبو مازن ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني (ورفض شرعية سلطة «حماس» في غزة)؛ اعتراف بحكم الأمر الواقع بحق وجود إسرائيل من جانب الدول العربية والإسلامية، التي لم تُقم حتى الآن علاقات سلام رسمية معها.
ويرى يشاي أن إسرائيل يجب أن تكون معنية بتعزيز مكانة واشنطن في المنطقة، وخاصة أنه لا يوجد تقريباً مخاطر من وجهة نظر إسرائيل بذهابها الى أنابوليس، لأن من الواضح منذ الآن أنه لن تُتخذ هناك قرارات ملزمة، تمس جوهر التسوية الدائمة».
من جهته، ربط أوري يبلونكا، في «معاريف»، بين قبول إسرائيل المشاركة في أنابوليس والهوية الشخصية لصاحب الدعوة، جورج بوش. ويعزو يبلونكا الموقف الإسرائيلي إلى كون السياسة الإسرائيلية «تعتمد على علم الحساب، ذلك أنه، بشكل تاريخي، يوجد في الأمم المتحدة عدد من الأصابع التي ترفع في مصلحة الموقف الفلسطيني أكثر مما يرفع في مصلحة الموقف الإسرائيلي. ومن هنا تنبع المصلحة القديمة لإسرائيل في إبقاء كل محادثات السلام في مسارات ثنائية. لكن إذا كان لا بد من وساطة دولية، فلتكن أميركية».
وفي السياق، يوافق آفي يسسخروف، على أهمية الإنجاز الكبير الذي سيتحقق في مؤتمر أنابوليس من خلال تركيبة المشاركين فيه، لكنه يشير إلى «إنجاز آخر لا يقل أهمية، ألا وهو المس بمكانة حماس». ويرى يسسخروف أنه «رغم احتمال ألا تكون هناك ثمة نتائج بعيدة الأثر على المفاوضات بين إسرائيل والسلطة لهذا الحدث، لكن بالنسبة إلى أبو مازن، فإن مشاركة الجامعة العربية هي إنجاز هام».
في المقابل، يشير يسسخروف إلى أن «الحضور العربي المثير للانطباع في مؤتمر أنابوليس كفيل بأن تكون له آثار سلبية اخرى، ذلك أن وصول وزراء الخارجية العرب تحديداً من شأنه أن يقيد قدرة رئيس السلطة الفلسطينية على إبداء مرونة تجاه إسرائيل في مداولات أنابوليس».
وفي «هآرتس»، دعا عوزي بنزيمان الوزراء العرب إلى ضرورة مساعدة أولمرت الذي «يتطلع إلى تحطيم الوضع القائم في العلاقة مع الفلسطينيين، إلا أنه لا يمتلك رصيداً شعبياً لذلك». ويرى بنزيمان أن «أولمرت يتوجه للقاء أنابوليس ويداه مكبلتان بالأغلال، لأنه إذا انحرف عن الإملاءات التي فرضها عليه أفيغدور ليبرمان وإيلي يشاي، فقد يفقد غالبيته البرلمانية، والكنيست في الوقت الحالي لا يوفر الدعم لرئيس الوزراء في مساعيه لتحطيم الوضع القائم في العلاقة مع الفلسطينيين، وإذا تصرف بصورة مغايرة فسيفقد وظيفته».
وعلى هذا الأساس، يخلص بنزيمان إلى أن «مساعدة أولمرت في الخلاص من هذه المصيدة تتطلب من الضيوف العرب في مؤتمر أنابوليس أن يحطموا الحواجز النفسية، لأنه إذا نشأت خلال المؤتمر مواقف تنجح في إزالة عدم ثقة الجمهور الإسرائيلي في نيات الفلسطينيين والدول العربية، فقد يتغير رأيه».