وصلت رسالة الكرملين واضحةً إلى معارضي النظام أمس، بعدما اعتقلت قوّات مكافحة الشغب الروسية نحو 50 ناشطاًَ معارضاً قبيل مسيرة، لم تُمنح الإذن الرسمي، ضدّ الرئيس فلاديمير بوتين في سان بطرسبرغ.واعتُقل هؤلاء الأشخاس لدى مغادرتهم مكاتب حزب «يابلوكو» في وسط ثانية كبرى مدن روسيا. وذكرت وكالة «رويترز» أنّ الشرطة ضربت نحو 10 منهم بالهراوات. ونقلت عن زعيم حزب «اتحاد قوى اليمين»، نيكيتا بيليخ، وصفه للأحداث بالقول: «هذا عدائي جداً، لا أستطيع فهم لماذا يفعلون هذه الأشياء»، وذلك بعدما حاولت الشرطة اعتقاله أيضاً، إلّا أنّه أظهر أوراقاً تثبت أنّه مرشّح في الانتخابات النيابيّة التي تترقّبها البلاد في الثاني من الشهر المقبل.
وبعد اعتقاله لساعتين في مركز الشرطة من أجل تبرير وجوده في التظاهرة غير المرخّصة، أعلن المعارض الليبرالي بوريس نيمتسوف لوكالة «فرانس برس» أنّه أُخلي سبيله، وقال «أحاول مساعدة متظاهرين آخرين اعتُقلوا».
المتحدّث المحلّي باسم «يابلوكو»، ألكسندر شيرشيف، قال «ضُربت وهم يعتقلونني، وأمام عينيّ ضربوا آخرين أيضاً»، في وقت يشدّد فيه مسؤولون في الكرملين على أنّ المسيرات تهدف إلى جذب أنظار الغرب وأنّ المتظاهرين ليسوا سوى خليط من سياسيّين هامشيّين لديهم تأييد شعبي ضئيل.
وكانت موسكو قد شهدت يوم أوّل من أمس اعتقال المرشح الرئاسي، بطل الشطرنج السابق، غاري كاسباروف، الذي حكم عليه بالسجن 5 أيّام بعد إدانته بالتظاهر من دون إذن ورفضه الالتزام بأوامر الشرطة. واعتُقل نحو 40 شخصاً آخرين في ختام التظاهرة المناهضة لبوتين.
ورأى كاسباروف أن «لا أساس» للإدانة التي صدرت بحقّه، وقال للإذاعة المستقلّة «صدى موسكو» «لقد اعتقلت بعد انتهاء التظاهرة». وأضاف أنّ «ما حصل في المحكمة غير معقول. حصلت انتهاكات خطيرة للإجراءات، وسأرفع بالتأكيد دعوى استئناف»، مشدّداً على أنّه «لا نستطيع الحديث هنا عن العدالة. والسلطة تحاول فقط أن تخيف الناس. والسلطات تتجاوز كلّ الحدود الممكنة التي يمكن تصوّرها».
وخلال الجلسة، احتجّت المحامية أولغا ميخايلوفا على رفض الشرطة السماح لها بزيارة موكّلها «خلال ساعة ونصف في مركز الشرطة ثم خلال 40 دقيقة في المحكمة»، بينما يستطيع المحامي بموجب القانون الروسي أن يتحدّث مع موكله فور اعتقاله، كما قالت ميخايلوفا لوكالة «رويترز».
وفي تعليق على حديث بوتين عن «الأعمال الاستفزازيّة» التي ينوي معارضوه القيام بها في الشارع، وعن تطوّرات اليومين الماضيين، قال المحلّل في مركز «كارنغي» الموسكوفي، نيكولاي بيتروف، إنّ «الرئيس سمح لنفسه بالإدلاء بتصريحات لاذعة يصعب فهمها في السياق الحالي لمجرى الأمور، حيث لا توجد منافسة جديّة، والمعارضة تعاني ضعفاً كبيراً». وأضاف أنّ بوتين بتصريحاته النارية ومواقفه المتشدّدة «يردّ مسبقاً على أيّ ردّة فعل سلبية» قد تصدر من الخارج «عندما ستكشف النتائج عن فوز ساحق لحزب الرئيس الروسي»، في إشارة إلى «روسيا الموحّدة» الذي تظهر الاستطلاعات تأييداً شعبياً له يفوق 65 في المئة.
(أ ب، رويترز، أ ف ب)