strong>بول الأشقر
بوليفيا تحترق وتتجه بسرعة نحو مواجهة كبرى تنذر بانفجار مجهول النتائج، بعد القتلى الثلاثة الذين وقعوا ضحية الاشتباكات التي حصلت نهار الأحد في مدينة سوكر، بين الطلاب والشرطة التي انسحبت من الشوارع.
تحول يوم الإثنين إلى يوم للتظاهر مع الحكومة في لاباز وضواحيها، وضدها في سانتا كروز وسوكر، بينما يُخشى أن تكون الأحداث الأخيرة قد أوصلت البلد الأفقر في أميركا الجنوبية، والوحيد الذي يمثل فيه الهنود الأكثرية المطلقة، إلى حافة الحرب الأهلية.
انفجر النزاع بعد أشهر من المواجهات السياسية التي عطلت أعمال الجمعية التأسيسية في مدينة سوكر وأسابيع من المواجهات في الشوارع بين أنصار الرئيس إيفو موراليس الآتين إلى المدينة، ومعارضيه الذين انضموا إلى سكانها المطالبين بنقل العاصمة في الدستور الجديد من لاباز ـــــ معقل إيفو موراليس ـــــ إلى سوكر التي كانت العاصمة قبل قرن.
انفجار جاء بعدما قرر النواب المؤيدون للرئيس موراليس، الانتقال إلى المدرسة العسكرية لمتابعة مشاوراتهم وتعديل النظام الداخلي للسماح بإقرار الدستور الجديد، الذي تنتهي مهلة صياغته في الرابع عشر من الشهر المقبل.
وهكذا حصل عندما أقرّ 145 نائباً من أصل 255 يتألف منهم المجلس التأسيسي، النسخة الجديدة للدستور بالأكثرية المطلقة ـــــ فيما النظام الداخلي يتطلب أكثرية الثلثين، قبل إقراره مادة مادة وعرضه على الاستفتاء الشعبي.
وكانت مسألة نقل العاصمة من لاباز إلى سوكر، محور التجاذب الحاصل، فيما اقترحت الأكثرية الموالية إعطاء بعض الصلاحيات لسوكر كتسوية، أو سحب الموضوع من التداول، بينما رفض المعارضون الاقتراحين. وأدت الاشتباكات، التي تفجّرت بعد انتقال النواب الموالين من المسرح الوطني ـــــ مقر الاجتماعات الرسمي ـــــ إلى المدرسة العسكرية، إلى مقتل طالبين وشرطي، ما أدى إلى انتفاضة شملت حرق سيارات الشرطة ومهاجمة الثكن والاستيلاء على مخازن أسلحة. وتحولت المدينة إلى ساحة دمار، حيث انسحبت الشرطة من شوارعها، تاركة السلطة إلى المجموعات المسلحة في غياب تام للدولة. وكان موراليس قد توجه مساء الأحد، بعدما وصل عدد القتلى إلى 31 خلال عهده، إلى البوليفيين مرة أخرى، طالباً السلم الأهلي ومعرباً عن رضاه على إقرار مشروع الدستور بعد طول انتظار، نافياً أية مسؤولية ومتهماً معارضة سانتا كروز بشحن الصدامات.
يوم الإثنين، عاد كل فريق إلى قواعده، فيما قاد موراليس تظاهرة أتت إلى لاباز للضغط على مجلس الشيوخ ـــــ حيث المعارضة أكثرية ـــــ الرافض إقرار قانون يؤمن لكبار السن «دخل الرزانة» الذي يساوي 50 دولاراً شهرياً، والذي ينوي تمويله من موارد الغاز.
هذا الخلاف حول «دخل الرزانة» صار بدوره عرضة للتجاذب الذي أخذ يعطل المؤسسات: فالموالون يرون في رفض مجلس الشيوخ محاولة تعطيل التغييرات الاجتماعية التي تقترحها الحكومة، بينما يرى المعارضون في القانون انقضاضاً على الموارد لإفراغ مشروع اللامركزية من مضمونه.
وأعلنت 6 محافظات من أصل تسع، العصيان المدني، فيما تتسارع وتيرة الصدامات بين المعسكرين وصارت تنذر بإشعال نار الحرب الأهلية في بلد صار متمحوراً بالكامل حول انقساماته المناطقية والعرقية.