القاهرة، طرابلس ــ الأخبار
يبدو أن استراتيجية المساومة باتت السمة الأبرز لنظام الزعيم الليبي معمر القذافي، وآخر تجلياتها تمثّل بإعلان طرابلس، بوصفها رئيسة اتحاد المغرب العربي، رفضها وجود أيّ قيادة عسكرية أجنبية أو وجود أجنبي مسلح على أي جزء من أراضي أي دولة أفريقية، في خطوة يبدو أنها محاولة لمقايضة مخطط الإدارة الأميركية لنشر قوة عسكرية في القارة السمراء باستئناف علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع واشنطن.
وأفادت ليبيا، التي يجمعها الاتحاد المجمّد عملياً منذ نهاية الثمانينات مع المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا، في بيان لها، أنه «انطلاقاً من مسؤولية الرئاسة في الحفاظ على استقلال وسيادة وسلامة دول الاتحاد، تؤكّد رفضها القاطع لقيام أي قيادة عسكرية أجنبية أو وجود أجنبي مسلح لأي دولة على أي جزء من أراضي أي دولة أفريقية، بما في ذلك اتحاد المغرب العربي».
وأشارت ليبيا إلى أن «مثل هذا الوجود العسكري الأجنبي سيكون مبرراً لزيادة التوتر وخلق أجواء تنشط فيها القوى الجهادية، التي تلاحق الوجود الأجنبي عموماً والأميركي خصوصاً، وحكومات الدول التي تستقبل هذا القواعد فوق أراضيها، الأمر الذي سيجعل من القارة الأفريقية ساحة لحروب الآخرين على أراضيها».
في هذا الوقت، راجت أنباء عن امتعاض ليبي من المشاركة العربية في مؤتمر أنابوليس للسلام واستبعاد طرابلس عن لائحة المدعوّين، مرجحة أن تقدم على الانسحاب مجدّداً من جامعة الدول العربية.
إلا أن مندوب ليبيا لدى الجامعة، عبد المنعم الهوني، نفى لـ«الأخبار» أن تكون بلاده بصدد الانسحاب منها أو تجميد عضويتها فيها على غرار ما حدث في الخامس والعشرين من تشرين الأول عام 2002.
وأشار الهوني إلى أن موقف الدول العربية التي شاركت في مؤتمر أنابوليس لا يلزم بلاده، مشدداً على أن «الأوضاع الإقليمية والدولية تتطلب من العرب تصحيح مواقفهم، واعتماد منهج التنسيق الجماعي وتنقية الأجواء العربية بعيداً عن الثُّغر التي ينفذ منها أعداء الأمة العربية».
وقال الهوني، الذي أعلن أخيراً تحفظ بلاده عن نتائج اجتماع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية على مستوى وزراء خارجية، الذي تبنى بالإجماع مشاركة الدول العربية في مؤتمر أنابوليس، إن بلاده «غير راضية عن الطريقة التي تجري بها إدارة الملفات والقضايا العربية المصيرية، وإنها قد لا ترى ما يدفعها إلى الاستمرار في عضوية هذه المنظمة العربية بعد الحال التي وصلت إليها عملية اتخاذ القرارات المصيرية داخلها». ورأى أن «الطريقة التي توجّهت بها بعض الدول العربية إلى مؤتمر أنابوليس تتناقض مع مفهوم أهمية تنسيق المواقف العربية».
وتساءل الهوني «لمصلحة من يتم اجتزاء القرار السياسي العربي؟ ومن المستفيد من زرع الشكوك بين الدول الأعضاء لدى الجامعة العربية؟»، مشيراً إلى أن طرابلس «لا تعارض أن يتجه العرب إلى مدينة أنابوليس الأميركية أو غيرها ما دام هذا قرارهم، لكن أن يتم الزجّ باسم الإجماع العربي رغم عدم استشارة كل الدول، فهذا أمر تعارضه جملة وتفصيلاً».
يشار إلى أن الإدارة الأميركية لم توجّه الدعوة إلى ليبيا لحضور مؤتمر أنابوليس، كما أن طرابلس ليست عضواً في لجنة مبادرة السلام العربية التي تشكلت في أعقاب قمة بيروت عام 2002.