ربما كانت المحادثات الإيرانية ـــ الأوروبية التي جرت أمس في لندن، محاولة أخيرة لتجنُّب تشديد العقوبات على طهران. لكن موقف الجمهورية الإسلامية المُصِّر على مواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم، قد يكون اليوم أحد الأمور المحورية التي ستُعمّق الانقسام بين الدول الست الكبرى في شأن طبيعة هذه العقوبات الخاضعة لمصالح اقتصادية وتوازنات سياسية
أحاط الغموض بنتائج المحادثات التي أجريت أمس في لندن بين الوفدين الإيراني والأوروبي، بسبب المواقف المتناقضة، بعدما عبَّر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عن «خيبة أمله» من هذه المفاوضات، التي وصفها أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي بأنها «جيدةوقال جليلي، للصحافيين بعد انتهاء المحادثات، «لقد تحدثت مع سولانا لمدة خمس ساعات، وقد أجرينا مفاوضات جيدة. واتفقا على مواصلة مفاوضاتنا، كما اتفقنا على ترتيب اجتماع الشهر المقبل».
لكنّ جليلي نفسه، وخلال مؤتمر صحافي عقده في السفارة الإيرانية لدى لندن في وقت لاحق، أوضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها «لم يتمكّنوا من منع إيران من التحكّم في تخصيب اليورانيوم». وقال «إذا أرادوا الاستمرار على هذا النهج (اعتماد قرار)، فإنهم لن ينجحوا»، محذّراً من أن استصدار قرار جديد في الأمم المتحدة ضد إيران لن يمنع طهران من مواصلة برنامج التخصيب.
في المقابل، عبّر سولانا، في مؤتمر صحافي من دون جليلي، عن «خيبة أمله». وقال «عليّ الاعتراف بأنه بعد خمس ساعات من المحادثات، كنت أتوقع أكثر من ذلك. وبالتالي لقد خاب أملي».
ومن المقرر أن يقوم سولانا اليوم بإطلاع ممثلي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) إضافةً الى ألمانيا، على نتائج محادثاته مع جليلي، حسبما قالت المتحدثة باسمه، كريستين غالاش، وذلك قبيل بدء اجتماع ممثلي هذه الدول في باريس اليوم لمناقشة عقوبات جديدة ضد إيران.
وفي السياق، أعلنت مصادر روسية احتمال قيام جليلي بزيارة إلى موسكو خلال الأسبوع المقبل، مشيرةً الى أن الزيارة مرتبطة بنتائج لقاء باريس اليوم. وذكرت وكالة «إنترفاكس» الروسية أن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي سيقوم بزيارة مماثلة الى العاصمة الروسية في منتصف الشهر المقبل.
وكان نائب المدير العام لمصنع «نوفوزيبيرسك» للتجميع الكيميائي الروسي، قسطنطين غرابلنيكوف، قد أعلن أمس في موسكو أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعطوا موافقتهم على نوعية الوقود النووي الذي تريد روسيا تزويد محطة بوشهر به، مشيراً إلى أن هذا الوقود «أصبح جاهزاً ليسلّم حالما يتم طلبه».
وفي طهران، حذَّر رئيس مجلس خبراء القيادة، الشيخ أكبر هاشمي رفسنجاني، الدول الأوروبية من «عرقلة مسار المفاوضات الجارية بين سولانا وجليلي عن طريق استخدام لغة التهديد، لأن ايران ستستخدم الأسلوب نفسه». وأشار رفسنجاني، الذي يرأس أيضاً مجلس تشخيص مصلحة النظام، إلى أن التعاون الإيراني مع وكالة الطاقة «بات يأخذ مجراه الطبيعي، وإذا ما استمرت الأمور على هذا النهج، فلن تبقى إلا خطوات قليلة لتسوية ملف إيران النووي».
وشدّد رفسنجاني على فشل مؤتمر أنابوليس، قائلاً «لا يمكن تسوية القضية الفلسطينية من دون إعادة حق الشعب الفلسطيني المغتصب»، مضيفاً إن «الأميركيين قاموا بحملة دعائية قبل افتتاح المؤتمر وحشدوا دولاً عربية ومؤسسات دولية كثيرة، ولكن في النهاية فشلوا في تمرير مخططاتهم».
الى ذلك، أمرت الحكومة البريطانية برفع اسم منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة من قائمة المنظمات «الإرهابية» المحظورة. وذكرت وزارة الداخلية البريطانية أنها ستستأنف ضد القرار الذي اتخذته لجنة النظر في الدعاوى الخاصة بالمنظمات المحظورة، ووصفته بأنه «مخيّب للآمال».
ورحبت رئيسة «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية»، مريم رجوي، بالقرار، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى أن يحذو حذو بريطانيا.
(أ ف ب، ا ب، يو بي آي،
ارنا، مهر، رويترز)