strong>أكدت سوريا، للمرة الأولى أمس حصول غارة إسرائيلية على أراضيها، مشيرة إلى أنها استهدفت «موقعاً عسكرياً غير مستخدم»، في ردّ على التسريبات الإسرائيلية والأميركية عن استهداف برنامج تعاون نووي مشترك مع كوريا الشمالية
شدّد الرئيس السوري بشار الأسد أمس على أن دمشق لن تحضر المؤتمر الدولي، الذي دعا إليه الرئيس جورج بوش، إذا لم يتطرّق إلى مرتفعات الجولان السورية المحتلة، باعتبار أنه يجب أن يكون عن «السلام الشامل». وأقرّ بحصول غارة إسرائيلية على سوريا، لكنه أوضح أنها استهدفت «قاعدة عسكرية غير مستخدمة»، مجدداً التأكيد على احتفاظ دمشق بحق الردّ، الذي رجّح ألا يكون عسكرياً.
وقال الأسد، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطاينة «بي بي سي»، إن سوريا لن تحضر مؤتمر السلام للشرق الأوسط ما لم توضع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل على جدول الأعمال. وأضاف: «إذا لم يتحدثوا عن الأراضي السورية المحتلة، فلن تذهب سوريا على الإطلاق»، مشيراً إلى أنه «يجب أن يكون (المؤتمر) حول السلام الشامل، وسوريا جزء من هذا السلام الشامل. من دون ذلك يجب ألا نحضر. لن نذهب».
وقال الأسد إنه «مستعد لمناقشة مبادرات سلام، لكن إذا كانت شروط المناقشة محددة بوضوح». وأضاف «أنه لا يرى ما هو الغرض من هذا المؤتمر ولا جوهره». وتساءل: «ما الذي سيتحدثون عنه؟ وما هي المعايير؟ وما هي الوسائل والأساليب؟ كل شيء ليس واضحاً»، مشيراً إلى أن «سوريا بحاجة إلى المزيد من التوضيح قبل اتخاذ قرار بالحضور أو لا».
لكن الرئيس السوري أقرّ بأن الاجتماع يشكل مناسبة لتحقيق تقدم في اتجاه السلام. وقال: «لا يحق لنا إضاعة الفرص، لأنه كلما أهدرنا (فرصاً) صار السلام أكثر صعوبة». وأضاف: «هذا المؤتمر، على غرار أي مؤتمر آخر، يشكل فرصة، لكن يجب أن ينطوي على أهداف واضحة ومنطقية».
وذكّر الرئيس السوري بالاستعدادات الطويلة لمؤتمر مدريد عن الشرق الأوسط عام 1991، مشيراً إلى أن الأميركيين قاموا بجولات مكوكية بين المشاركين على مدى نحو عشرة أشهر.
ولم يستبعد الأسد، في المقابلة نفسها، الرد العسكري على غارة جوية إسرائيلية على أراضي سوريا في الشهر الماضي. وقال إن «ذلك محتمل، لكننا لا نقول إن هذا هو الخيار الذي سنتبناه الآن. قلنا من قبل إن لدينا وسائل مختلفة، والردع لا يعني صاروخاً في مقابل صاروخ أو قنبلة في مقابل قنبلة. ولدينا وسائل للرد سواء سياسياً أو بأسلوب آخر. لكن من حقنا أن نرد بأشكال مختلفة».
وأضاف أن «الرد خيار دائم». إلا أنه تدارك: «لكن إذا كان ردنا عسكرياً نكون نرد بما يلائم الأجندة الإسرائيلية، الأمر الذي نرفضه. هذا لا يعني أننا نريد تبديد فرص السلام في المستقبل القريب».
وأقر الأسد بحصول الغارة الإسرائيلية الشهر الماضي، موضحاً أنها استهدفت «مبنى كان يستخدم لأغراض عسكرية ولم تطاول أهدافاً مهمة». ورأى أن الغارة «تعكس كره إسرائيل العميق للسلام».
وفي ما يتصل بإعادة التسلح وتعزيز نظام الصواريخ في سوريا، وخصوصاً في هضبة الجولان التي تحتل إسرائيل قسماً منها منذ 1967، قال الأسد إن «من الطبيعي والمؤكد أن نحضر أنفسنا». وأضاف: «لا نبني جيشاً لشن هجمات بل للدفاع عن بلادنا، وهذا أمر طبيعي، وخصوصاً بعد الحرب على لبنان العام الماضي، حين دمر الإسرائيليون المدن اللبنانية وبيروت وجنوب لبنان».
أما وزير خارجية سوريا وليد المعلّم فكرر من جهته، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، مواقف حكومته الداعمة لـ«السلام العادل والشامل والمبادرة العربية». ورفض فكرة اجتماع واشنطن «الخالي من أي أهداف وتتّسم بالغموض».
وقال المعلم: «إن ما يتمّ تداوله حول الاجتماع الدولي لا يزال يتّسم بالغموض في المضامين والغايات، وفي التوجّه المطلوب نحو الحلّ الشامل للصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، كما يفتقر أيضاً إلى تحديد الأهداف والأسس والمرجعيات والإطار الزمني»، مؤكّداً التزام دمشق خيار السلام وفق مرجعية مؤتمر مدريد وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وتطرّق المعلّم إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على سوريا، واصفاً الغارة بأنها «دليل واضح على رغبة إسرائيل في تصعيد التوتر»، منتقداً تقاعس الأمم المتحدة عن إدانة العدوان، الأمر الذي «يشجّع إسرائيل على التمادي في مسلكها العدواني ويسهم في تصعيد التوتر في المنطقة».
ورأى المعلم أنّ قيام الولايات المتحدة بترويج الشائعات عن علاقة نووية بين بلاده وكوريا الشمالية «يجعل من هؤلاء شركاء في العدوان». ودعا إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي، وإلى احترام حقّ جميع الشعوب في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية.
وفي الشأن العراقي، دعا المعلّم إلى الحفاظ على وحدة العراق، وإلى «عدم التدخّل في شؤونه الداخلية وضمان سيادته واستقلاله وهويته العربية الإسلامية»، رافضاً أي دعاوى لتقسيمه. كما انتقد المسؤول السوري «تخلّي سلطات الاحتلال عن اللاجئين العراقيين رغم إنفاق مئات مليارات الدولارات على حربها».
وعن الوضع في لبنان، أعرب المعلم عن قلق بلاده من «دقّة المرحلة وحساسيتها في لبنان وهو ما يوجب الوصول إلى حلول تصبّ في مصلحة لبنان وتخدم مستقبله». وأكّد دعم سوريا لجميع مبادرات الوفاق والحوار، قائلاً: «نرى أن الاستحقاق الرئاسي المقبل هو فرصة طيبة للتوافق على انتخاب رئيس وفقاً للقواعد الدستورية وبعيداً عن التدخّل الأجنبي وبما يحفظ مصلحة لبنان وعلاقاته العربية».
وفي واشنطن، امتنع المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية طوم كيسي عن التعليق على آراء الأسد بشأن مؤتمر السلام المقبل، لكنه قال إن وزارة الخارجية سترسل الدعوات «في الوقت الملائم». وأضاف كيسي، متحدثاً للصحافيين: «بالطبع سيكون من شأن كل دولة بمفردها أن تقرر إذا ما كانت ستحضر أو لا».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
رويترز، يو بي آي)