موسكو ـ حبيب فوعاني
فعلها فلاديمير بوتين، أستاذ «التكنولوجيا السياسية» كما يسمّي الروس دُهاة السياسة؛ فوسط التكهّنات في شأن مستقبله السياسي قبل أشهر من توديع قصر الكرملين، أعلن ضابط الاستخبارات السوفياتية السابق أنه قد يترأس حكومة روسيا الاتحادية إذا نال الحزب الحاكم الذي أسّسه بنفسه وبقي خارج صفوفه التنظيمية «روسيا الموحّدة»، غالبية مريحة في انتخابات مجلس الدوما التي قد يرأس سيد الكرملين لوائح مرشّحيه


فجّر فلاديمير بوتين «قنبلة» سياسية أمس بحضوره المؤتمر الثامن للحزب الحاكم «روسيا الموحّدة» وإعلانه إمكانية ترؤسه لائحته الانتخابية الفيدرالية في الانتخابات التشريعية المقرّرة في 2 كانون الأول المقبل، التي ستسمح له بترؤس الحكومة بعد الانتخابات.
ويتوقّع المراقبون أن تمكّن هذه الخطوة الحزب من الفوز الكاسح في الانتخابات، وتسمح للرئيس الروسي، الذي ستنتهي ولايته في آذار المقبل، بالبقاء في القيادة العليا لروسيا، وخصوصاً أنّ دستور البلاد يمنع تولّي الرئيس منصبه لثلاث ولايات متتالية، وهو ما سبق لبوتين التعهّد مراراً باحترامه وعدم تعديله.
ورأى عدد من المراقبين أنّ قرار بوتين هذا هو الأكثر أهمية في حياته السياسية، وهو القرار الذي بقي سراً حتى يوم أمس. وذكرت مصادر الحزب الحاكم أنّ ترؤس بوتين للائحته الانتخابية سيمكّنه من الفوز بـ 300 مقعد من أصل 450 في الدوما، ما يؤمّن له الغالبية الدستورية المطلوبة لتشكيل حكومة برئاسته، من دون الاضطرار إلى نسج تحالفات مع الحزب الشيوعي الروسي، الذي تشير معظم الاستطلاعات إلى حلوله في المركز الثاني بنحو 20 في المئة من الأصوات.
كما يأتي إعلان بوتين عن احتمال ترؤسه الحكومة المقبلة، بعد يومين من تسمية قوى المعارضة الروسية لغاري غاسباروف مرشّحاً رئاسياً، ليواجه المرشّح المحتمل رئيس الوزراء الحالي فيكتور زوبكوف. وأشارت معلومات إلى أنّ السيناريو الأكثر ترجيحاً ينصّ على ترؤس بوتين لحكومة حزبية ذات صلاحيات موسّعة، بينما تُقَلَّص صلاحيات رئيس البلاد، ليستطيع بوتين بعدها العودة إلى الكرملين في عام 2012.
وقال بوتين أمس إنّ التصريحات التي تشير إلى أنه قد يرأس حكومة في المستقبل «واقعية تماماً لكن من السابق لأوانه التفكير فيها».
وقال بوتين، أمام مؤتمر حزب «روسيا الموحّدة»، الذي أطلق حملته الانتخابية في موسكو أمس: «أقبل بامتنان مقترحكم الخاص بترؤس قائمة حزب روسيا الموحدة في الانتخابات البرلمانية»، واصفاً فكرة ترؤسه الحكومة عام 2008. وأضاف: «ينبغي أولاً توافر شرطين: أن يفوز حزب «روسيا المتّحدة» في الانتخابات أولاً، وأن يُنتخب شخص مهذّب وكفوء وعصري يمكنني العمل معه بروح الفريق رئيساً للجمهورية».
وفي ردّه على مقترحات عدد من المشاركين في المؤتمر في شأن تعديل الدستور بشكل يتيح له ترشيح نفسه لولاية ثالثة، قال بوتين إنه «لا يصحّ تغيير الدستور تماشياً مع رغبات شخص واحد».
وعلى الفور، انهالت التحليلات والتعليقات على الحدث الروسي، فرأى البعض أنّ بوتين لا يستطيع الوصول إلى الدوما لأنّ الانتخابات ستجري في كانون الأول، بينما ولاية الرئيس تنتهي في آذار. وفسّر بعض المحلّلين إعلان بوتين نيته ترؤس اللائحة الانتخابية لحزبه، أنه يسعى من خلالها إلى «جذب أكبر عدد من الأصوات»، ليصبح قادراً في ما بعد على أن يأتي برئيس يعيّنه لتأليف حكومة تكون صلاحياتها موسّعة على حساب صلاحيات الرئاسة.
غير أن بعضاً آخر رأى أنّ بوتين سيحقّق من خلال ترؤسه القوائم الانتخابية لحزبه وللحكومة المقبلة، هدفين متلازمين: فمن جهة سيقول للعالم إنه يحترم التعدّدية السياسية وإنه لن يعدّل الدستور على مقاسه، ومن جهة ثانية يكون الحاكم الفعلي القوي في البلاد مع غالبية نيابية مريحة، ورئيس ضعيف نسبياً أمام شخصيته وصلاحياته الموسّعة كرئيس للحكومة.
وفي واشنطن، رفضت المتحدّثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو التعليق على احتمال تولّي بوتين رئاسة الحكومة عام 2008، مشيرة إلى أنه شأن داخلي روسي، واكتفت بالدعوة إلى انتخابات «حرّة وديموقراطية» في كانون الأول المقبل.