حيفا ــ الأخبار
عادت «هبَّة أكتوبر» مجدداً الى شوارع فلسطين التاريخية، لتعيد الى الأذهان، وعلى مدى أسبوع كامل، الذكرى السابعة لهبّة الأقصى في تشرين الأول عام 2000، التي جاءت رداً على الزيارة الاستفزازية لرئيس الوزراء السابق أرييل شارون الى باحة المسجد الأقصى، والتي سقط فيها 13 شهيداً فلسطينيًا.
ونظَّمت لجنة ذوي الشهداء في فلسطين 48 تظاهرات تخلّلها رفع شعارات وخيم اعتصام في مدن سخنين وأم الفحم وكفركنا والناصرة، تحت عنوان «الجرح المفتوح»، طالبت من خلالها بمحاكمة المسؤولين عن قتل أبنائها، فيما نظَّم حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» يوم الجمعة الماضي، اجتماعاً شعبياً حضره أكثر من ألف شخص في مدينة شفاعمرو.
وخرج طلاب المدارس في قرية عرابة الجليلية في تظاهرة كبيرة إحياءً لذكرى شهيدين من القرية.
واللافت في احتفالات هذه السنة، تركيز الشعارات في كل المسيرات على ضرورة الوحدة الفلسطينية، مع بقاء التنديد بمجازر الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ورفض نيات السلطات الإسرائيلية فرض الخدمة المدنية على الشباب الفلسطيني كبديل للخدمة العسكرية.
وفي خضم التحديات التي تواجهها فلسطين، تمنّى بعض المشاركين في الأنشطة، لو كان حجم المشاركة أكبر حتى «يرتقي الى مستوى التحديات الجبارة»، في إشارة الى عام 2002 حين خرج أكثر من 80 ألف متظاهر إحياءً للذكرى. «هذا المشهد ليس موجوداً اليوم»، برأي أحد الشبّان، الذي عبرّ عن تفاؤله لـ«الأخبار» قائلاً «هناك أمل، فلا تزال صور الشهداء معلّقة منذ عام 2000 في كل المدن والقرى»، منذ «أكتوبر الأسود».
وكانت مناطق متفرقة من الجليل قد شهدت في تشرين عام 2000 تظاهرات سقط خلالها 13 شهيداً برصاص جيش الاحتلال، وأصيب المئات بجروح، كما اعتقل أكثر من 500 شخص، قدّمت ضد غالبيتهم لوائح اتهام.
وأعلن رئيس الوزراء في حينه ايهود باراك، بعد ضغط كبير، تأليف لجنة تحقيق رسمية برئاسة القاضي المتقاعد ثيودور أور، قدمت توصياتها في الأول من أيلول 2003، وقد تبنّتها الحكومة شكلياً. لكن رغم توصيات لجنة «أور» أغلقت وحدة التحقيق مع رجال الشرطة المسؤولين عن المجزرة كل الملفات.
وأثار قرار الإغلاق موجة من الاحتجاج الجماهيري الشعبي، الأمر الذي حدا بالمستشار القضائي للحكومة لأن يعيد فتح هذه الملفات، لكن شيئًا حتى الآن لم يفتح.
وقال عبد المنعم أبو صالح، والد الشهيد وليد ابو صالح، «إننا لن نغفر ولن ننسى إلا حين يوضع المجرمون في قفص الاتهام ويحاكمون».
وكانت النيابة الإسرائيلية العامة قد قدمّت لائحة اتهام ضد أبو صالح، بعدما لكم ضابطاً إسرائيلياً، يدعى جاي رايف، في وجهه داخل قاعة المحكمة، في إحدى جلسات لجنة «أور».
وقال النائب جمال زحالقة إن الفلسطينيين يحيون «ليس فقط ذكرى شهداء هبَّة القدس والأقصى بل يحيون ذكرى كل شهداء شعبنا الفلسطيني»، مشدداً على أن «استشهاد الشبان الـ13 إضافةً الى استشهاد الفلسطينيين في كل مكان يدل على طبيعة هذه الدولة».
وعن عودة باراك إلى الحلبة السياسية الإسرائيلية، قال زحالقة «لقد قتل باراك في اليومين الأخيرين 20 فلسطينياً في غزة، وهو المسؤول عن قتل شهداء هبَّة اكتوبر، هو يمثل سياسة المؤسسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين المستمرة منذ 60 عامًا». وأضاف إن «إسرائيل اليوم تلوح بحروب جديدة، في أعقاب فشلها في العدوان على لبنان، والدرس الذي تلقته من المقاومة اللبنانية»، مشدداً على أن «نجاح المقاومة في حرب لبنان الأخيرة هو قوة ردع للعرب عموماً وفي فلسطين أيضاً».
وقال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، «حسب قوانين الطبيعة، الجرح يندمل مع الوقت، لكن اسرائيل توفّر لنا دائماً حالة خارجة عن الطبيعة، والمجرمون لا يزالون أحراراً اليوم». وأضاف بركة إنَّ «الذكرى لا تقتصر فقط على شهداء اكتوبر، نحن نحيي ذكرى شهداء شعبنا وقضيتنا الفلسطينية».