strong>زيباري لواشنطن وطهران: أبعدا خلافاتكما عن العراق
أعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، خلال زيارة مفاجئة قام بها إلى العراق أمس، أنّ بلاده تعتزم سحب ألف من جنودها من بلاد الرافدين بحلول نهاية العام الجاري، كما كشف أنّ تسليم القوّات العراقية المسؤولية الأمنية الكاملة في البصرة سيتمّ في غضون شهرين. وتعهّد براون أنه سيطرح على مجلس العموم البريطاني قراره للتصديق عليه الأسبوع المقبل. ورأى معظم المراقبين البريطانيّين أنّ هذه الخطوة تهدف إلى استثمارها في السياسة الداخلية البريطانية، إذ توقّع البعض أن يدعو براون إلى انتخابات عامة مبكرة قريباً وسط رفض الشعب البريطاني لبقاء الجنود في بلاد الرافدين، وخصوصاً أنّ الزيارة تأتي قبل أيّام من تقديم براون بياناً مهماً عن العراق أمام البرلمان الذي أنهى إجازته الصيفية.
وفور نشر تصريحات براون، أعلن البيت الأبيض، على لسان المتحدّثة باسمه دانا بيرينو، ارتياحه لقرار سحب الجنود البريطانيين، معتبرة أنّ ذلك يتطابق مع خطط لندن ويثبت تقدّم القوات الأمنية العراقية.
وقال، براون الذي يقوم بأوّل زيارة له إلى العراق منذ أن خلف طوني بلير في رئاسة الحكومة، إنه يعتقد أن بإمكان العراقيّين تسلّم المسؤولية الأمنية في البصرة في غضون شهرين. وأضاف، للصحافيين بعد لقائه نظيره العراقي نوري المالكي في بغداد، «أعتقد أنه يمكن خفض القوات البريطانية بحلول نهاية العام إلى 4500»، علماً أنّ عديدها الحالي يبلغ نحو 5500 بعدما انسحبت من وسط المدينة قبل نحو شهر. وأوضح أن «ذلك سيعفي 1000 من قواتنا، ونأمل أن يعودوا إلى الوطن بحلول عيد الميلاد».
أمّا المالكي فأعرب، من جهته، بعد اللقاء، عن استعداد قوّاته الكاملة «لتسلّم الملف الأمني في محافظة البصرة من القوات البريطانية في أقرب وقت ممكن»، مشيراً إلى سعي حكومته لتتويج ما وصفها بأنها «نجاحات أمنية» عبر توجيه الجهود نحو المشاريع الاقتصادية والاستثمارية والبناء والإعمار لخدمة هذه المحافظة. كما تمنّى المالكي أن تتحوّل العلاقة بين العراق وبريطانيا «من التعاون الأمني، الذي حقق نجاحاً، إلى علاقة بعيدة الأمد مبنية على التعاون الاقتصادي وباقي المجالات»، مجدّداً رفضه قرار مجلس الشيوخ الأميركي غير الملزم بتقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات، وطالبه بـ«تأييد موقفنا ضد أي قرار تقسيم لا يخدم العراق والمنطقة».
ونسب بيان حكومي عراقي إلى رئيس الوزراء البريطاني قوله إن «القرارات الشجاعة التي يتّخذها المالكي تخدم العراق على الأمد الطويل»، مقدّماً مساندة لندن لحكومته «لإحراز التقدم على الصعيد الاقتصادي وفي مجال المصالحة الوطنية».
وفي البصرة، حيث التقى على مدى 5 دقائق فقط بقادة قوات الاحتلال البريطاني والأميركي، قال براون إنّ لدى بلاده مشروعاً للاستثمار في المحافظة من أجل تطوير المؤسّسات.
وتولّى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مهمّة التسويق الخارجي للرفض العراقي الرسمي لقرار الكونغرس تقسيم العراق، فقال أول من أمس في جامعة هارفرد الأميركية «يستحيل تقسيم البلاد على أسس طائفية وعرقية لأن هناك بعض المناطق المختلطة».
وفي السياق، أشار زيباري إلى أنّ دول إسلامية عديدة تعزّز روابطها مع بغداد في مقدّمتها السعودية. ودعا ايران إلى الكفّ عن التدخّل في شؤون بلاده. ورأى أنّ العراق أصبح «في بعض الأحيان حلبة قتال بين الولايات المتحدة وإيران لتسوية حسابات، والرسالة التي نبعث بها إلى الطرفين هي إبقاء خلافاتهما بعيداً عن العراق لأن لدينا الكثير من الهموم».
في هذا الوقت، دافع السناتور الديموقراطي جوزف بيدن أول من أمس عن خطته لتقسيم فدرالي للعراق وندّد بالانتقادات التي وجّهها اليه المالكي والسفارة الأميركية في بغداد.
وقال بيدن، المرشح لانتخابات الرئاسة في 2008، إنه طلب لقاء الرئيس جورج بوش ليوضح له أن الخطة التي اقترحها تتوافق مع الدستور العراقي الفدرالي.
وذكر مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون العشائر الشيخ عبود وحيد العيساوي في تصريحات نُشرت أمس أن الحكومة العراقية أجرت حوارات مع عدد من الجماعات المسلّحة لضمها إلى التشكيلات العشائرية التي تستهدف مواجهة عناصر تنظيم «القاعدة» في عدد من المدن العراقية.
وقال رئيس لجنة المصالحة الوطنية في مجلس النواب، الشيخ وثاب شاكر الدليمي، إن «لقاءات مهمّة عُقدت مع عدد من الفصائل المسلّحة التي لها تأثير كبير على الأرض خلال الفترة السابقة في داخل العراق وعدد من الدول الإقليمية للوقوف على مطالب هذه الفصائل ونقلها إلى الحكومة».
من جهتها، حذّرت كتلة «الائتلاف العراقي الموحّد» من خطورة إقدام القوات الأميركية على تشكيل ما يُسمّى بـ«قوات الصحوة» في عدد من أحياء بغداد ومحافظات العراق للتصدّي لتنظيم «القاعدة»، معتبرة أنّ هذا الأمر يضع البلاد على حافة «حرب أهلية طائفية» تقضي على كل منجزات العملية السياسية.
ميدانيّاً، قُتل أكثر من 35 عراقياً أمس، بينما خسر الجيش الاحتلال الأميركي اثنين من جنوده وأُصيب 11 آخرون وسط العاصمة.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)