strong> شهيرة سلّوم
يسلّم الرئيس الباكستاني برويز مشرّف بعد غد الاثنين قيادة الجيش إلى حليفه وكبير مستشاريه في الأمور الاستراتيجية والعسكرية، أشفاق برويز كياني، الذي يعدّ أحد كبار الضباط الذين ينحدرون من إقليم البنجاب المعروف بإنتاجه لمعظم ضباط الصف الأوّل في الجيش الباكستاني. لذا، يرى البعض أنّ كياني خُلق لهذه المهمة، ولا سيما لعلاقته الجيّدة مع واشنطن ورئيسة الحكومة السابقة بنازير بوتو.
وكياني أول رئيس لوكالة الاستخبارات السيئة السمعة يتولّى قيادة الجيش. وهو أنهى تحصيله العلمي في الجامعة المحلية في جهولوم، وتم قبوله في الكلية العسكرية في كابول، قبل أن يتخرج من كليات أركان الجيش في كويتا وإسلام آباد وكلية الأركان العامة في فورت ليفينورث في الولايات المتحدة.
ومعروف أن مشرّف يلجأ دوماً إلى كياني، رجله الوفي، عندما تتأزّم الأمور. وقد كان مسؤولاً عن التحقيقات في محاولتي اغتيال الرئيس في عام 2003. وفي كتابه «في خط النار»، أثنى مشرّف على تولّي كياني التحقيق، الذي رافقته مشاكل التنافس بين أجهزة الأمن الباكستانية. وقال «هذه المشاكل اختفت ما أن كلّفته بمهمة التحقيق».
لكنّ بعض المراقبين يقولون إنّ العلاقة بين الجنرالَين تعود إلى شتاء 2001 و2002 عندما استطاع كياني ـــــ الذي كان المدير العام للعمليات العسكرية ـــــ أن يظهر قدراته. وقتها، شهدت العلاقات الهندية ـــــ الباكستانية تدهوراً، وحشدت الجارتان النوويتان قوّاتهما على طول الحدود المشتركة. كان كياني مسؤولاً عن كل تحرّكات القوّات، واستطاع بحكمته وخبرته العسكرية وتواصله مع القيادة العسكرية الهندية لما يزيد على 8 أشهر إزالة التوتر والحؤول دون وقوع حرب بين الدولتين.
ولفتت هذه الحادثة نظر مشرّف إلى كياني، وتمّت ترقيته لقيادة نخبة الجيش الفيلق 10 الموجود في روالبندي. وعندما وقعت الاعتداءات على الرئيس الباكستاني في المدينة، كان كياني الرجل المناسب لهذه المهمة، فتولّى التحقيقات وساق نحو 11 شخصاً إلى محاكمات عسكرية سرّية بتهم تخطيط الاعتداء وتنفيذه، ليكافأ بعدها بمنصب رئيس وكالة الاستخبارات الداخلية.
وفي آذار 2007، عندما شنّ مشرّف حملته على رئيس المحكمة العليا إفتكار شودري وأقاله، كان كياني الوحيد من بين رؤساء استخبارات آخرين الذي لم يشهد ضدّ شودري.
ومنذ هذه الحملة لمشرّف، تراجعت شعبيته وعصفت أزمة سياسية في البلاد لا تزال تعاني حكومته من آثارها حتى اليوم. وكعادته، ظهر كياني لانتشال الرئيس الباكستاني من مأزقه السياسي، وتدخّل بينه وبين بوتو لإتمام صفقة بشأن تقاسم السلطة.
ويتمتع كياني بثقة بوتو، التي كان نائباً للمستشار العسكري في حكومتها الأولى في عام 1988. ورغم أنّه لم يكن جزءاً من صفقة تقاسم السلطة، يبدو أنّ وجوده في أبو ظبي كان له تأثير كبير في اختياره قائداً للجيش.
وللولايات المتحدة كلمة حاسمة في اختيار القادة العسكريين في باكستان. ويرى بعض المحللين أنّ الجنرال كياني يستوفي الشروط الكاملة لملء الوظيفة، الأقدمية والكفاءة والولاء. وستكون أولى مهمات كياني إعادة ثقة الشعب الباكستاني في جيشه بعد الضربات المتلاحقة التي تلقّاها من المتمرّدين، إلى حد أنّ صحيفة «واشنطن بوست» ذكرت قبل أيام أنّ الجيش الباكستاني بدأ يخسر معركته ويدرس إمكان الانسحاب من المناطق القبلية. وعليه، يتحتم على كياني في مهمته الجديدة أن يعرف كيف يوازن بين ضغوط واشنطن والحساسيات المحلية، وبين المتطلّبات الدولية والداخلية.