strong>بين أجواء الارتياح والتفاؤل التي أشاعها «ميثاق الشرف» الذي وقّعه كل من السيّدين عبد العزيز الحكيم ومقتدى الصدر من جهة، والتصعيد الأميركي ضدّ «الدور الايراني التخريبي في العراق» من جهة ثانية، طغى على المشهد العراقي يوم أمس إعادة طهران فتح حدودها مع كردستان العراق وكشف الرئيس جلال الطالباني عن توقّعه بأن ينسحب نحو 100 ألف جندي أميركي من بلاده بحلول نهاية عام 2008
انهالت الردود الحكومية والحزبية المرحّبة بالاتفاق الذي وقّعه كل من رئيس «المجلس الاسلامي الأعلى في العراق» السيد عبد العزيز الحكيم وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أول من أمس. وعلى رغم مسارعة التيار الصدري إلى نفي أن يكون الاتفاق تمهيد للعودة إلى صفوف «الائتلاف العراقي الموحّد»، قالت مصادر قيادية في «المجلس الأعلى» إنّ ميثاق الشرف يدعم حكومة نوري المالكي.
وكان الطرفان وقّّعا يوم السبت اتّفاقاً مكتوباً هو الأول بينهما تضمّن ثلاثة بنود: أوّلاً، «حرمة الدم العراقي» من جميع الطوائف والقوميات. وثانياً، حشد المؤسّسات والهيئات من كلا الطرفين لأجل تفعيل روح المودة والتقارب. وثالثاً، إنشاء لجنة عليا مشتركة ذات فروع في كل المحافظات لمنع أية إشكالات محتملة.
وأعلن نائب رئيس المجلس الأعلى ونجل السيد عبد العزيز الحكيم، عمّار الحكيم، في مقابلة أمس، أن الاتفاق يهدف إلى «تقوية الدولة وسيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها».
واعتبر الحكيم أنّ الطرفين قادران على القضاء على العصابات التي تدّعي الانتماء إلى كل من التيار والمجلس لارتكاب الجرائم. واعترف الحكيم بأنّ التيار الصدري «تيار كبير وله قاعدة شعبية ونحن نميّز بين التيار الصدري كجهة سياسية لها تمثيل في البرلمان، ومجموعات خارجة عن القانون قد تتقنع بقناع معين وتدعي الانتساب الى هذه الجهة». وأضاف الحكيم أنّ المجلس الأعلى والتيار الصدري «متطابقان في الرؤى في قضية الاحتلال لكنهما مختلفان في الآليات».
وفي ما يتعلق بأحداث كربلاء، رأى الحكيم أنها «لم تكن تصادماً شيعياً ــــ شيعياً، بل كانت وراءها مجموعات خرجت عن القانون واعتدت على الشرطة والجيش».
وردّاً على سؤال عن العلاقات الوثيقة التي يقيمها «المجلس الأعلى» مع واشنطن وطهران في آن، قال الحكيم إنّ «الآلية سهلة للجمع بين هذا وذاك لأنّ العلاقات هي لمصلحة العراق».
وعن تصعيد الولايات المتحدة ضدّ إيران، قال الحكيم «نشعر بقلق مثل جميع دول المنطقة من التصعيد ونعرف أن العراق سيدفع ضريبة نتيجة الصراع».
بدوره، قال النجل الآخر لعبد العزيز الحكيم، محسن الحكيم، الذي يشغل منصب مستشار سياسي لوالده، إن الهدف الأساسي من الاتفاق هو «دعم حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي»، وكشف عن أنّ والده يتماثل للشفاء، وأنه سيعود من طهران إلى بغداد بُعيد عيد الفطر مباشرةً.
أمّا المالكي فرحّب بالميثاق، ونقل بيان عن مكتبه الإعلامي قوله أمس «إن هذا الاتفاق الذي جاء في وقته المناسب يعبر عن الإحساس العالي بالمسؤولية الدينية والوطنية، وعن تقدير صائب لحساسية الظروف التي يمر بها الشعب».
وسارع رئيس الهيئة السياسية لمكتب الصدر، لواء سميسم، إلى التأكيد أنّ الاتفاق مع المجلس الأعلى لم يتضمّن تعهّداً بعودة تياره لا إلى الائتلاف الموحّد ولا إلى الحكومة الحالية، وأنّه لم ينضم إلى أي تكتل سياسي جديد، وأنه سائر في مشروعه الوطني المستقلّ، وعمله كتلةً مستقلةً في مجلس النواب.
من جهة أخرى، انتقد القيادي في الحزب الاسلامي العراقي، عبد الكريم السامرائي، موقف الأمين العام لهيئة علماء المسلمين، الشيخ حارث الضاري، على خلفيّة تصريحه الأخير الذي قال فيه «نحن لا نقبل أعمال القاعدة لكن تبقى القاعدة منا ونحن منها»، وإنّ 90 في المئة من عناصر «القاعدة» هم عراقيون، مطالباً المواطنين بعدم مقاتلة هذا التنظيم.
وطالب السامرائي الضاري بـ«إعادة النظر في موقفه المتذبذب من القاعدة لأنّ هذا الموقف هو الذي دفع القاعدة إلى مزيد من الإجرام».
إلى ذلك، كشف الرئيس العراقي جلال الطالباني، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» في نيويورك أمس، أنه يتوقّع أن ينسحب أكثر من 100 ألف جندي أميركي من العراق في نهاية العام المقبل، مع إبقاء قوات الاحتلال على 3 قواعد عسكرية دائمة لها في كل من شمال وجنوب ووسط البلاد «للدفاع عن العراق في وجه التدخّل الإقليمي المحتمل في شؤونه الداخلية».
ودافع الطالباني عن قرار الكونغرس غير الملزم تقسيم العراق، ووصفه بأنه يشدّد على وحدة البلاد وازدهارها، لكنّه رأى أن من غير الممكن أبداً أن يكون لأكراد العراق دولة مستقلّة بهم لأسباب عديدة أهمها «الرفض التركي والإيراني والسوري القاطع لوجود مثل هذه الدولة».
في المقابل، صعّد قائد قوات الاحتلال في العراق دايفيد بيترايوس من اتهاماته لإيران، وقال إن سفير طهران لدى بغداد حسن كاظمي قمّي هو عضو في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني. وأضاف بيترايوس أن الجيش الأميركي «لا يسلّط الضوء على كاظمي قمي لأنه دبلوماسي ويتمتّع الآن بحصانة دبلوماسية، ولذا ليس عرضة لمتابعة دقيقة».
إلى ذلك، أُعلن أمس عن إعادة فتح 4 من المعابر الحدودية بين إقليم كردستان العراق وايران وأُرجئ افتتاح اثنين آخرين الى صباح اليوم بعدما كان مقرراً إعادة فتحها جميعها في الساعة الثانية من بعد ظهر أمس، وذلك بعد نحو أسبوعين على إقفالها على خلفية اعتقال القوات الأميركية لرجل أعمال إيراني يُدعى محمودي فرهادي بتهمة الانتماء إلى الحرس الثوري الإيراني.
ميدانياً، سقط في اليومين الأخيرين نحو 20 عراقياً، بينما خسر الاحتلال الأميركي جندياً جنوب العاصمة.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
رويترز، يو بي آي)