strong>يبدو أنّه بات على أنقرة أن تختار بين الإبقاء على العلاقات «الدافئة» التي تجمعها مع واشنطن، أو تنفيذ تهديداتها التي وصلت إلى ذروتها أمس باجتياح الأراضي العراقية لضرب معاقل حزب العمّال الكردستاني، وذلك بعد تحذير وزارة الخارجية الأميركية من أي خطوة عسكرية تركية في كردستان العراق ردّاً على إعطاء الحكومة التركية الضوء الأخضر لجيشها لفعل «كل ما يلزم» بانتظار إذن البرلمان

على وقع التظاهرات الشعبيّة المطالبة بحسم عسكري «جذري»، أعطى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس الضوء الأخضر لجيشه لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواجهة المقاتلين الأكراد، بما في ذلك اجتياح شمال العراق، كردّ كان منتظراً على مقتل 15 جندياً تركيّاً منذ يوم الأحد الماضي. وسيتعيّن على البرلمان التركي الموافقة على أي عملية عسكرية على نطاق واسع في بلاد الرافدين.
وقال مكتب أردوغان، في بيان عقب اجتماع لكبار مسؤولي الدولة في أنقرة أمس، «صدر أمر باتخاذ أي إجراء سواء كان قانونياً أو اقتصادياً أو سياسياً بما في ذلك عملية عبر الحدود العراقية إن لزم الأمر لوضع نهاية للمنظمة الإرهابية التي تعمل في البلد المجاور (العراق)».
وأضاف المكتب «أعطيت أوامر لجميع المؤسّسات المعنية لمواصلة شن حرب حاسمة ضد الإرهاب والإرهابيين».
ودعا وزير الدفاع التركي وجدي غونول البرلمان إلى تفويض الجيش بالقيام بعملية توغل عسكرية، لكنه أشار إلى أنّ هذا التفويض البرلماني غير مطلوب في عمليات «محدودة» لملاحقة المقاتلين عبر الحدود.
وذكرت قنوات التلفزيون التركية مساءً أنّ حكومة أنقرة سترسل طلباً سريعاً إلى البرلمان لنيل الموافقة على القيام بعملية عسكرية داخل العراق.
وفي ردّ فعل قوي على القرار التركي، حذّرت وزارة الخارجية الأميركية الدولة التركية من مغبّة تنفيذ هذه التهديدات؛ وقال المتحدّث باسم الوزارة شون ماكورماك أمس إنه «إذا كانت هناك من مشكلة بين تركيا والعراق، فعليهما بالتعاون المشترك لحلّها. أمّا القيام بعمل عسكري أحادي الجانب فلن يكون الخيار الصحيح». ودافع ماكورماك عن السلطات العراقية التي تتعرّض لانتقادات تركية كبيرة، مؤكّداً أنّ المسؤولين العراقيّين يدركون جيّداً أنّه لا يمكن استمرار تدفّق الهجمات من أراضيهم الشمالية.
أمّا المتحدث باسم مجلس الأمن القومي غوردون غوندرو فجدّد التأكيد على التزام بلاده بالعمل مع بغداد وأنقرة لمواجهة حزب العمال الكردستاني «لأننا ندرك أن هجمات الجماعات الكردية من الخارج ليست في مصلحة أي من البلدين». وأضاف «إنّ الطريقة الأكثر فاعلية هي اتخاذ قرارات تأخذ بعين الاعتبار حماية مواطني البلدين».
ومن المعروف أنّ الرفض الأميركي لأي خطوة عسكرية تركية داخل الأراضي العراقية نابع من توجّس لدى واشنطن من أن يؤدّي إلى ضرب الاستقرار في إقليم كردستان العراق الذي يُعَدّ المنطقة العراقية الوحيدة التي تنعم باستقرار أمني نسبي في بلاد الرافدين.
في المقابل، جدّدت الحكومة العراقية، على لسان المتحدث باسمها علي الدباغ، مطالبة تركيا بعدم التدخّل العسكري وذكّرت بأنّّ الاتفاق الأمني الذي تمّ توقيعه بين الجانبين نهاية الشهر الماضي في أنقرة لا ينصّ على السماح للجيش التركي بتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية.
غير أنّ حاكم أربيل، عاصمة إقليم كردستان، نزاد هادي، هدّد السلطات التركية بأنها «ستتلقّى خسائر جسيمة في الأرواح والماديات» إذا ما قرّرت إقحام قواتها داخل أراضي الإقليم. وجاءت تصريحات المسؤول الكردي بعدما شنّت القوات المدفعية والجوّية التركية منذ ليل أول من أمس هجمات وعمليات قصف واسعة النطاق للخطّ الحدودي استُعملت فيها الطائرات الحربية للمرّة الأولى منذ فترة.
(أ ب، رويترز، أ ف ب)