strong>بوتين «رجل يمكنني العمل معه»... «ولن أتنازل» في الملفّ الإيراني
شدّد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في مقابلة نشرتها صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسيّة أمس، على أنّ بلاده لن تقبل بـ«حلول وسط» في شأن الحاجة إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على طهران، وذلك قبل ساعات من اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقرب من موسكو، في إطار الزيارة الرسميّة الأولى له لروسيا، رئيساً، وفي ظلّ تباين بين مواقف الإليزيه والكرملين حول قضايا عديدة، بينها الملفّ النووي الإيراني وإمدادت موارد الطاقة الروسيّة إلى أوروبا، وقضيّة كوسوفو والعلاقة مع الاتّحاد الأوروبي.
وبعدما لفت إلى أنّ «روسيا عادت إلى المشهد الدولي»، أشاد ساركوزي ببوتين ووصفه بأنّه «رجل يمكنه العمل معه»، إلّا أنّ من المرجّح أن تضعه تصريحاته في شأن الجمهوريّة الإسلاميّة في موقف خلافي مع موسكو، وخصوصاً أنّ الرئيس الروسي سيزور طهران في 16 من الشهر الجاري لحضور قمّة البلدان المطلّة على بحر قزوين، وإرساء اتّفاقات مع الجانب الإيراني حول ثروات البحر والمحطّة النوويّة في بوشهر، التي تُبنى بمساعدة روسيّة.
وأوضح سيّد الإليزيه أنّه «بين الإذعان (لأهداف إيران) والحرب، وهما كلمتان لا وجود لهما في قاموسي، هناك سلوك مسؤول: فرض عقوبات تصاعدية لإعادة إيران إلى المنطق، وكذلك لفتح الحوار إذا ما اختارت طهران احترام واجباتها»، وقال إنّه يجب ألّا يشكّ أحد «في جديّة فرنسا وعزمها حيال هذه القضية»، مشدّداً على «أنّنا نتحدث عن حماية أمننا الجماعي من خطر الانتشار النووي، ولن أتنازل في قضية على هذه الدرجة من الأهمية».
وكان المتحدّث باسم الرئاسة الفرنسيّة، دافيد مارتينون، قد بيّن في وقت سابق أنّ الملفّ الإيراني سيكون في صلب المحادثات بين بوتين وساركوزي.
وفي المقابلة نفسها، انتقد الرئيس الفرنسي وقف روسيا لإمدادات النفط والغاز للمستهلكين الأوروبيين في ما سبق، وقال «لن أخفي عليكم أنّ روسيا، عندما أوقفت شحنات الطاقة لأجزاء من أوروبا من دون سابق إنذار، أضرّت بالثقة»، إلّا أنّه وصف بوتين بأنّه عملي، وقال «يجب أن يساعدنا ذلك على إيجاد لغة مشتركة في هذه القضايا الدولية المهمة».
وعن موضوع الطاقة، تجدر الإشارة إلى أنّ المخاوف من تجدّد الخلافات بين موسكو وأوروبا بشأن إمدادت الغاز، على قاعدة تخلّف أوكرانيا عن دفع ديونها لعملاق الغاز الروسي «غازبروم»، تبدّدت إلى حدّ ما أمس، بعدما توصّلت الشركة المذكورة إلى اتّفاق مع كييف، ستسدّد بموجبه الأخيرة ديونها البالغة 1.3 مليار دولار، من طريق مخزون الغاز لديها. وسيتمّ ابتكار آليّة جديدة لتسوية المبلغ الكامل، الذي أشار رئيس الوزراء الروسي فيكتور زوبكوف إلى أنّه قارب حدود ملياري دولار.
وفيما كان من المنتظر اجتماع بوتين وساركوزي إلى مائدة العشاء أمس، نقلت وكالة الأنباء الروسيّة «نوفوستي»، عن مساعد سيّد الكرملين، سيرغي بريخودكو، قوله إنّ الرئيسين سيركّزان خلال المباحثات في موسكو مدى يومين، على مناقشة المشاريع الاستثمارية التي من المفترض أن ترتقي بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى التعاون السياسي «الاستراتيجي».
وقال بريخودكو إنّ من بين المشاريع الكبرى، مشروع إطلاق صواريخ النقل الروسية «سويوز» من المطار الفضائي «كورا»، وصناعة الطائرة الإقليمية «سوبر جيت 100»، والتعاون في إنشاء طرق سيارات وخطوط سكك حديد سريعة. ويتضمّن جدول العمل الدولي قضايا معاهدة القوات المسلّحة التقليدية في أوروبا، التي أعلنت موسكو انسحابها منها، والمنظومة الأميركية للدفاع المضادّ للصواريخ في أوروبا الشرقيّة، والوضع في الشرق الأوسط وفي العراق، والبرنامج النووي الإيراني، وقمّة روسيا ـــــ الاتحاد الأوروبي المرتقبة في البرتغال في نهاية الشهر الجاري.
وفي السياق، قال مسؤول في الكرملين، لوكالة «أسوشييتد برس»، إنّ الجانب الروسي ينتظر «توضيحاً» من الرئيس الفرنسي للعديد من المواقف الفرنسيّة بشأن قضايا دوليّة حساسّة، ولتصريحات «لمسؤولين فرنسيّين تتضمّن العديد من التضارب»، في إشارة إلى تصريحات وزير الخارجيّة الفرنسي برنار كوشنير بإمكان توقّع الأسوأ في التعاطي مع إيران، وضمن ذلك الحرب، ثمّ تراجعه عنها.
ولفت المسؤول نفسه إلى أنّ المحادثات تهدف إلى «مواصلة الحوار البنّاء والصريح الذي بدأه الرئيس (بوتين) خلال لقائهما الشخصي الأوّل (في قمة الثماني) في هايليغيندام في السابع من تمّوز الماضي». وتجدر الإشارة إلى أنّ الزيارة الرسميّة الأخيرة لساركوزي لموسكو كانت عام 2004، حين كان وزيراً للاقتصاد.
(أ ب، يو بي آي، رويترز)