strong>دخلت التطوّرات الأمنية والدبلوماسية في كل من أنقرة وكردستان العراق وواشنطن في مرحلة عدّ عكسي لتحاشي تنفيذ تركيا تهديداتها واجتياح شمال العراق. فمع وصول دبلوماسيين كبيرين أميركيّين إلى أنقرة لاحتواء تداعيات قانون «إبادة الأرمن»، وبدء فرض العقوبات الاقتصادية على إقليم كردستان العراق، ينتظر العالم قرار البرلمان التركي غداً تفويض الحكومة والجيش حقّ التدخّل العسكري داخل الحدود العراقية لمدّة عامذكرت مصادر كردية، أمس، أنّ الشركات التركية بدأت بالانسحاب من المدن الرئيسية في الإقليم، وخصوصاً في السليمانية وأربيل، وتخفيف استثماراتها التي تزيد على 4 مليارات دولار. وذكرت شبكة «أخبار العراق» أنّ مصادر سياسية عراقية لا تستبعد أن تفرض الحكومة التركية، عبر قرار يصوّت عليه البرلمان التركي، عقوبات اقتصادية وأخرى دبلوماسية على الجانب الكردي العراقي، منها سحب جوازات السفر التركية المعطاة لمسؤولين أكراد، فضلاً عن منعهم من السفر عبر تركيا أو استخدام مطاراتها، وتجميد أصول مالية لقادة «البشمركة» وعوائلهم.
وكانت أنقرة قد منعت قبل أسبوع مرور الطائرات المستأجرة من قبل إقليم كردستان من المرور عبر الأجواء التركية إلى أربيل والسليمانية.
إلى ذلك، عبّرت أنقرة، حسب الشبكة نفسها، عن قلقها الكبير من امتلاك قوات «البشمركة»، الذين أعلنوا استعدادهم للـ«مقاومة»، لطائرات مروحية مقاتلة سبق أن استولت عليها من مطارات الجيش العراقي ومخازنه بعد الانهيار الذي حدث غداة احتلال العراق في التاسع من نيسان 2003.
بدوره، قال مصدر من حرس الحدود في إقليم كردستان العراق أمس إنّ المدفعية التركية الثقيلة أطلقت في وقت متأخّر من ليل أول من أمس نحو 250 قذيفة على المناطق الحدودية العراقية في محافظة دهوك. ويأتي هذا التصعيد بينما تنتظر الحكومة التركية قرار البرلمان الذي سيتّخذه النوّاب الأتراك غداً ردّاً على طلبها الموافقة على توغّل الجيش داخل الأراضي العراقية لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني.
في هذا الوقت، بدأ أول من أمس مساعد وزيرة الخارجية الأميركية دان فرايد ووكيل وزارة الدفاع إريك إيدلمان زيارة مفاجئة لأنقرة لمحاولة ثنيها عن قرار إرسال جيشها إلى شمال العراق، بينما جدّدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تحذيرها للمسؤولين الأتراك من مخاطر الإقدام على مثل هذه الخطوة.
وواجه كل من فرايد وإيدلمان انتقادات من مسؤولين أتراك بسبب قرار لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس المتعلق بـ«إبادة الأرمن». وذكرت مصادر دبلوماسية تركية أن إيدلمان وعد بأن يذكّر العراق بالتزاماته، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، في ما يتصل بحماية حدوده ومكافحة الإرهاب.
ووصلت التحذيرات التركية من مغبّة إقرار الكونغرس للقانون المذكور إلى ذروتها، مع إشارة رئيس أركان الجيش يسار بويوكانيت أمس إلى أنّ إقرار القانون «سيجعل من المستحيل أن تعود علاقاتنا العسكرية مع واشنطن إلى ما كانت عليه سابقاً».
وفي أول تداعيات الموافقة على القرار بشأن «الأرمن»، أُلغيت زيارة وزير التجارة كورساد توزمن لواشنطن، وأُلغي مؤتمر كان سيعقده مجلس التجارة التركي ــــــ الأميركي في الولايات المتحدة.
ويقول محلّلون ودبلوماسيون إن من التحركات المحتملة الأخرى منع الولايات المتحدة من دخول قاعدة إنجرليك الجوية وإلغاء عقود شراء وخفض الزيارات الثنائية ومنع الطائرات الأميركية من دخول المجال الجوي التركي ووقف التدريبات العسكرية المشتركة.
وفي السياق، ذكرت شبكة «سي إن إن» الأميركيّة أنّ المخطّطين العسكريّين الأميركيّين انكبوا بطريقة هادئة على مراجعة التدابير البديلة إذا أقدمت الحكومة التركية على تقييد حركة الطائرات الأميركية في الأجواء التركية أو منعتها من الوصول إلى قاعدة إنجرليك.
(الأخبار، أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)