strong>أدخلت أنقرة أمس الدبلوماسيّة إلى خطابها في شأن الأزمة مع الأكراد، بالتوازي مع إرسالها المذكّرة التي تطلب من البرلمان تفويض الجيش التوغّل في شمال العراق، متمنّية ألّا «تضطرّ إلى اللجوء إليها». أمّا التشنّج الذي عاد بين التيار الصدري والمجلس الإسلامي الأعلى في العراق، فلا تزال وتيرته مرتفعةأحالت الحكومة التركية أمس النص النهائي للمذكّرة التي يُنتظر أن يقرّها البرلمان اليوم، ويفوّض فيها الجيش مهمّة القيام بتوغّل عسكري داخل الأراضي العراقية لمدّة عام. وفي ختام الاجتماع الوزاري، أعرب نائب رئيس الحكومة، كميل سيسيك، عن أمله ألّا تضطرّ بلاده «لاستعمال هذا التفويض البرلماني»، لكنّه ذكّر أنّ أنقرة «لن ترضخ لكابوس الإرهاب».
يُذكَر أنّ البرلمان سبق له أن أعطى تفويضاً مماثلاً للجيش عام 2003، لكنّه لم يُتَرجَم عمليات توغّل حينها.
في السياق، قال نائب رئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال إرجين سايغون، أمس، إن «من السابق لأوانه الحديث عن توقيت أو نطاق العملية التي من المحتمل أن يشنّها الجيش». وأضاف: «إذا فُوِّضنا تنفيذ هذه المهمة، سندرس النطاق الذي ستُنَفّذ فيه».
ورأى سايغون أنّ تحديد رد فعل تركيا على مشروع القرار الأميركي بشأن قانون «إبادة الأرمن»، أمر يرجع إلى الحكومة. يُشار إلى أنّ التوتّر السائد على الجبهة العراقية ـــــ التركية سبّب ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، لامست 85 دولاراً للبرميل الواحد أمس.
وفي السياق الدبلوماسي، يصل نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إلى أنقرة اليوم، حيث يُنتَظَر أن يلتقي الرئيس عبد الله غول ورئيس الحكومة رجب طيّب أردوغان، في محاولة لتبريد الأجواء المتوتّرة بين البلدين.
وأعلن مسؤولون في حكومة إقليم كردستان العراق أمس، توقّف قصف المدفعية التركية للقرى العراقية الحدودية، بعد يومين من القصف المتقطع.
وفي الحدث العراقي الداخلي، ردّ المجلس الإسلامي الأعلى في العراق أمس، على الاتهامات التي ساقها بحقه التيار الصدري، على خلفيّة الدعوات التي أطلقها عمّار الحكيم في الأيام الأخيرة لتسريع تطبيق الفدرالية في العراق، التي بلغت ذروتها في محافظة الرمادي، حيث التقى زعيم مجلس صحوة الأنبار الشيخ أحمد أبو ريشة أول من أمس لتشجيعه على الضغط في سبيل إقرار إقليم عراقي ذي غالبية سنّية في وسط البلاد.
وأعرب المجلس عن أسفه لتصريحات مسؤولي «التيار الصدري» وحزب «الفضيلة» و«القائمة العراقية الموحّدة»، الذين انتقدوا دعوته لإقامة الفدرالية. وقال بيان للمكتب الإعلامي للمجلس أمس «إن المجلس يأسف لما نُسب إلى بعض القوى السياسية من تصريحات في شأن موضوع المسارعة إلى إنشاء الأقاليم وإقامة الفدراليات، والزعم أنها تتناغم مع بعض المشاريع الدولية». وأضاف: «إن المجلس يؤمن بأن الفدرالية وإنشاء الأقاليم هما حق دستوري وطبيعي للشعب العراقي، وهما حقيقة موضوعية تتحرّك على الأرض العراقية، متمثلة في إقليم كردستان».
وفي شأن اللجنة التي جرى إنشاؤها للتفاوض بين المجلس والتيار، كشف مسؤول مكتب الثقافة والإعلام في المجلس، الشيخ حميد معلّة، أنها «لم تمارس عملها لغاية الآن»، رغم أنّ اللجنة المسؤولة عن متابعة مسائل الاغتيالات وأعمال الشغب بين التنظيمين لم تفعّل لحد الآن، وستعقد اجتماعات لاحقة لتفعيل عملها.
في هذا الوقت، تصاعدت الاشتباكات الدامية أمس في الديوانية، جنوب العراق، بين ميليشيات شيعية والقوّات البولندية والأميركية. وقال وزير الدفاع البولندي إنّ فرقة من «جيش المهدي» قصفت صباح أمس بصواريخ كاتيوشا معسكر «ايكو»، وهو مقرّ فرقة بلاده المشتركة مع الأميركيّين في محافظة الديوانية، ما أدّى إلى إصابة جنديّين بولنديّين، وهو ما استدعى ردّاً أميركياً جوّياً أوقع نحو 20 قتيلاً وجريحاً من العراقيّين المدنيّين.
وتفاعلت في الأيام الأخيرة تداعيات التقارير التي تحدّثت عن قيام القوات البولندية بتعذيب المعتقلين الشيعة في معتقلاتها، رغم نفي وارسو ذلك. إلى ذلك، أعلن الجيش الأميركي مقتل اثنين من جنوده وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، في محافظتي بغداد ونينوى شمال العراق، ليصل العدد الإجمالي لقتلاه إلى 3829 قتيلاً منذ 2003.
على صعيد آخر، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركيّة، في عددها الصادر أمس، أنّ بعض كبار ضباط الجيش الأميركي الذين يعتقدون أن ضربات شديدة لحقت بتنظيم «القاعدة» في العراق، دعوا إلى إعلان النصر على هذا التنظيم. ومثل هذا الإعلان قد يثير انتقادات بأن الصراع في العراق قد أصبح حرباً أهلية، يجب ألا تتورّط فيها القوات الأميركية. وقال مسؤول كبير في الاستخبارات، معلّقاً على الدعوة إلى إعلان الانتصار على القاعدة: «أعتقد أنّ هذا سيكون سابقاً لأوانه».
من جهة أخرى، رفض مؤسّس شركة «بلاك ووتر»، إريك برنس، الدعوى القضائية التي تقدّم بها أحد الناجين وأقارب ثلاثة عراقيّين من ضحايا المجزرة ضدّ شركته، ووصفها بأنها «ذات دوافع سياسية». في المقابل، أكّد مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، سامي العسكري أمس، أنّ الحكومة العراقية «مصرّة» على طرد شركة «بلاك ووتر» الأمنية الأميركية الخاصة والشركات الأخرى التي ارتكبت أعمالاً مماثلة «خلال فترة ستة أشهر حدّاً أقصى».
وفي السياق، كشفت وكالة «أسوشييتد برس» أنّ السفارة الأميركية لدى بغداد قد تفسخ عقدها مع «بلاك ووتر»، وأنها في صدد البحث عن بديل أمني لكي لا يقع فراغ أمني من ناحية حماية دبلوماسيّيها ومنشآتها والوفود التي تستقبلها.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)