إذا أصبحت السيناتور عن ولاية نيويورك، هيلاري كلينتون، عام 2008 المرأة الأولى في سدّة الرئاسة الأميركية، فستشهد الولايات المتحدة وضعاً غير مسبوق في تاريخها، حيث تكون قد حكمتها عائلتان هما، بوش وكلينتون، على مدى 24 عاماً متواصلة أو ربّما 28 عاماً، إذا أعيد انتخاب كلينتون لولاية ثانية.وبذلك يكون ملايين الشبّان الأميركيين لم يعرفوا رئيساً سوى من آل كلينتون أو آل بوش، بدءاً بالرئيس جورج بوش الأب الذي بقي في الحكم 4 سنوات، خلفه بعدها بيل كلينتون طوال ولايتين، ثمّ جورج بوش منذ 7 سنوات، فيما تبقى الانتخابات الرئاسية المقبلة مفتوحة على شتّى الاحتمالات.
وسبق أن عرفت الولايات المتحدة في تاريخها عائلات سياسية مثل أدامز التي أوصلت إلى الرئاسة جون وابنه جون كوينسي، وعائلة روزفلت التي قدّمت أيضاً رئيسين تربط بينهما قرابة بعيدة، هما ثيودور وفرانكلين، وفي التاريخ الحديث عائلة كينيدي.
ويتحدّر العديد من المرشّحين الحاليّين للرئاسة من عائلات سياسيّة مثل السيناتور الديموقراطي كريستوفر دود، ابن حاكم ماساتشوستس السابق، والجمهوري ميت رومني وهو ابن حاكم سابق لولاية ميشيغان ترشح في زمنه للرئاسة بدون أن يحالفه الحظ.
كذلك يعكس بروز المرشّحة الديموقراطية، السيّدة الأولى سابقاً، كلينتون، بشكل لافت ومدهش خفايا الحياة السياسية الأميركية. وفي هذا السياق، توضح أستاذة العلوم السياسيّة في جامعة «دارتماوث كولدج» في نيوهمشير، ليندا فاولر، أنّ «المسألة مرتبطة بكلفة الحملات الانتخابية الأميركية الباهظة والحاجة إلى أسماء مرشّحين معروفة منذ استطلاعات الرأي الأولى حتى يتمكّنوا من جمع أموال، فضلاً عن تعقيدات تنظيم حملة انتخابية».
وتشير فاولر إلى أنّ الموضوع عبارة عن «حلقة مفرغة، فمقدّمو الأموال لا يساهمون في حملة ما، إذا كانوا يعتقدون أنّ حظوظ المرشّح ضئيلة» ومن الوسائل المتاحة للمرشّحين لإثبات صدقيّتهم «إثبات أنّ الناخبين يعرفونهم ويدعمونهم». وتعكس استطلاعات الرأي تفوّقاً شاسعاً لكلينتون على منافسيها الديموقراطيّين، الذين يعدّ السيناتور عن إيلينوي باراك أوباما أشدّهم. وقد تمكّنت من جمع كنز حقيقي بمساعدة زوجها، بيل، الذي تكفي مشاركته في أيّ تظاهرة أو تجمّع لدرّ مساهمات هائلة، إلى «الحزب الديموقراطي».
ويشير الخبراء إلى أنّ كلينتون، من دون هذه الآلية، ما كانت لتفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عام 2000، ولتتقدّم المرشّحين للبيت الأبيض حالياً، وهو أمر ينطبق أيضاً على الرئيس جورج بوش، الذي حظي بدعم الشبكات التي نسجها والده في حملاته لمنصب حاكم تكساس وللرئاسة على السواء.
وترى كاتبة الافتتاحية في صحيفة «نيويورك تايمز»، مورين داود، بسخرية أنّه من دون زوجها لكان بوسع هيلاري، «الترشّح لرئاسة جامعة ما على الساحل الشرقي».
وباتت مسألة العائلات السياسية تُطرح في جميع المناظرات. وحين سُئلت هيلاري أخيراً عن هذا الموضوع، تجنّبت الإجابة مباشرةً. وقالت «أعتقد أنّ بيل كان رئيساً جيداً»، قبل أن تضيف إنّها مرشّحة «بحدّ ذاتها»، و«تترشح وحيدة». فيما يربط زوجها مفهوم العائلات الحاكمة بزمن الملكية في فرنسا، معتبراً أنّ «السؤال الحقيقي هو: إذا كانت (هيلاري) الأكثر أهلية للرئاسة، فهل يجب إزالتها من السباق لأنّه يصادف أنّها زوجتي؟».
(أ ف ب)