موسكو ــ حبيب فوعاني
قمّة «بحر قزوين» تبحث وثيقة مشتركة لتقاسم ثرواته


رغم الأنباء عن احتمال تعرضه للاغتيال على أيدي مجموعة انتحارية في العاصمة الإيرانية، أصرّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على زيارة طهران التي يصل إليها اليوم لحضور قمة الدول الخمس المطلة على بحر قزوين، التي يشارك فيها أيضاً الرؤساء: الأذري إلهام علييف والتركمانستاني قربان غولي محمدوف والكازاخستاني نور سلطان نزار باييف، الذي وصل أمس إلى إيران، حيث استقبله الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد ذكر أن قمة الدول الخمس (روسيا، إيران، كازاخستان، أذربيجان وتركمانستان)، تهدف إلى توقيع ميثاق، سيصبح «خطوة مهمة على طريق تسوية قضية وضع بحر قزوين القانوني»، في ما يتعلق بتقاسم ثروات البحر بين هذه الدول.
وفي طهران، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، إن إعلان طهران الذي سيصدر عن هذه القمة، لن يتضمّن التوقيع النهائي على النظام القانوني لهذا البحر.
وذكرت وكالة «ارنا» أن حسيني قال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، رداً على سؤال عن المعيار لتقسيم ثروات بحر قزوين، إن «القضايا المتعلقة بالنظام القانوني لهذا البحر ستُطرَح وتُتابع في مباحثات الخبراء، وأن رؤساء الدول سيعلنون مواقفهم».
يشار إلى أنه لا خلاف بين روسيا وكازاخستان وأذربيجان في وضع بحر قزوين، حيث يوجد بين هذه الدول اتفاقات ثنائية أو ثلاثية لتقاسم ثرواته الهائلة، خلافاً لإيران وتركمانستان. لكن روسيا وإيران متفقتان على عدم السماح بالوجود العسكري للدول الغربية في هذه المنطقة.
وتدعو إيران وتركمانستان إلى تقسيم بحر قزوين إلى خمس مناطق نفوذ متساوية بين الدول الخمس، فيما تطالب الدول الثلاث الأخرى بترسيم الحدود البحرية على أساس طول شواطئ كل بلد.
من جهته، أفاد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، بأن الرؤساء الخمسة سيعقدون مؤتمراً صحافياً مقتضباً مرفقاً بإعلان يصدر عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي سيلتقي بوتين بعد ظهر اليوم، خلال زيارته، وهي الأولى لزعيم روسي منذ مؤتمر طهران في عام 1943، الذي حضره جوزيف ستالين.
ومن المقرر في ختام زيارة بوتين أن يستقبله المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، في لقاء تطرح خلاله مسائل دولية إلى جانب المسائل المرتبطة بالعلاقة بين موسكو وطهران.
وتكتسب زيارة الرئيس الروسي إلى طهران، أهمية خاصة بشأن الملف النووي الإيراني، وسط احتدام الضغوط الغربية على إيران، والتلويح على مدى نصف عام بتوجيه الولايات المتحدة ضربة وقائية إلى منشآتها النووية، بينما تقف دول أخرى، بينها روسيا والصين، ضد استخدام منطق القوة ضد إيران، وتفضِّل حلّ المشكلة النووية الإيرانية والقضايا الأخرى في إطار الهيئات الدولية. ومن المواضيع التي يتوقَّع أن يبحثها بوتين مع القيادة الإيرانية، مسألة المحطة النووية في بوشهر (جنوب) التي تتولى روسيا بناءها منذ 1995 ويتأجل إنجازها باستمرار، حيث أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عن أمله بأن تعلن قريباً «أخبار سارة» بشأن هذه المحطة.
وقال الحسيني إن «المحادثات في شأن أجهزة الطرد المركزي بين بلاده والوكالة الدولية للطاقة الذرية ستستمر هذا الأسبوع على مستوى الخبراء، ومن المحتمل أن تجري هذه المحادثات في طهران».
وكان الرئيس الروسي قد أكد أمس أنه سيتوجه، كما هو مقرر، إلى إيران رغم الشائعات التي تحدثت عن احتمال تعرضه لهجوم انتحاري في طهران وتشكيك الكرملين في حصول الزيارة. وقال، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مدينة فيسبادن الألمانية (غرب): «سأذهب إلى إيران بطبيعة الحال». وأضاف: «لو كنت أستمع إلى ما تقوله أجهزة الأمن، لامتنعت تماماً عن الخروج. فليقوموا هم بعملهم، ولنقم نحن مع السيدة المستشارة وزملائنا الآخرين بعملنا»، موضحاً أنه «سيبحث في المسائل المرتبطة بالملف النووي الإيراني خلال اللقاء مع القادة الإيرانيين»، معرباً عن تأييده للتوصل إلى حل سلمي للخلاف في هذا الملف.
وأضاف بوتين أن «إخافة الشعب الإيراني وقيادته لا تجدي نفعاً. إنهم لا يخافون»، موضحاً أن الصبر آتى ثماره في حالة كوريا الشمالية المشابهة. وقال إنه «يجب اتباع الأمر نفسه مع الملف النووي الإيراني».
من جهتها، أشارت المستشارة الألمانية إلى وجود فرص لإقناع إيران بتغيير موقفها من خلال المحادثات، لكنها شدّدت على أنه «إذا لم تذعن إيران، فإنه ينبغي فرض مجموعة جديدة من العقوبات».
وفي السياق، أعلن الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية، خافيير سولانا، على هامش اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين في لوكسمبورغ، أنه سيلتقي الأسبوع المقبل كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي علي لاريجاني، من دون أن يكشف عن المكان الذي سيعقد فيه اللقاء، حسبما ذكرت وكالة «فرانس برس». ومن جهة أخرى (يو بي آي، رويترز)، أعلن قائد قوات الأمن الداخلي الإيراني، العقيد إسماعيل أحمدي مقدم، تشكيل «الشرطة الاقتصادية» لمواجهة الجرائم الاقتصادية والمالية والمصرفية والجمركية.
ونسبت وكالة «ارنا» إلى مقدم قوله، في مؤتمر صحافي أمس، إن الشرطة الاقتصادية ستدرس كل الجرائم المتعلقة باستخدام البطاقات التجارية بصورة غير مشروعة وإقامة شركات وهمية واستغلال الجمارك.
إلى ذلك، قال العضو المنتدب لشركة توزيع المنتجات النفطية الوطنية الإيرانية، نور الدين شهنزي، إن من المتوقع أن تستورد إيران ما قيمته نحو أربعة مليارات دولار من البنزين خلال السنة الفارسية التي تنتهي في آذار 2008، ما ينطوي على تراجع بنسبة 20 في المئة على الأقل عن العام السابق، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» أمس.