موسكو ــ حبيب فوعاني
دول قزويـــن «لـــن تسمـــح» باستخـــدام أراضيهـــا ضـــد طهـــران


اختتمت قمّة دول بحر قزوين الخمس أعمالها في طهران أمس بإعلان ختامي حمل تطمينات واضحة إلى إيران بعدم السماح لأي دولة ثالثة باستخدام أراضي هذه الدول لأي هجوم عسكري ضد إحداها، مع الإقرار بحق الجمهورية الإسلامية في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية.
ووقَّع رؤساء الدول الخمس (روسيا وإيران وأذربيجان وتركمانستان وكازاخستان) الإعلان الختامي، الذي يدعو إلى تمهيد الطريق أمام اتفاقية شاملة ونهائية لتحديد الوضع القانوني لبحر قزوين، فيما تحاول هذه الدول منذ 15 سنة تقاسم ثروات البحر من دون جدوى، بسبب اختلاف المقاربات بشأن خطّة التقسيم.
وتقترح روسيا وأذربيجان مدخلاً يهدف إلى تقسيم قاع البحر الغني بالنفط والغاز بخط وسطي يتوافق مع نسبة طول الساحل العائد لكل دولة على البحر، وفي هذه الحالة سيكون لكل منها حصتها الخاصة من الثروات الطبيعية.
وفي الوقت الحالي، تحصل كازاخستان على 29 في المئة من قاع البحر أو ثلثي مخزونه من الموارد الطبيعية الهائلة، الكامنة في سواحلها، فيما تنال كل من روسيا وأذربيجان وتركمانستان 19 في المئة منه. ولإيران 13 في المئة من القطاع الجنوبي الفقير نسبياً بموارد الطاقة. ولذا تتّخذ القيادة الإيرانية موقفاً متصلباً إزاء هذه الخطة وتقترح تقسيم البحر بالتساوي، أي تقسيمه إلى خمسة أجزاء بحيث تنال كل دولة 20 في المئة منه.
وقد جعلت التنبؤات حول وجود احتياطي مهم يراوح بين 5 في المئة و10 في المئة من مجموع الاحتياطي العالمي من النفط في باطن البحر، مسألة تحديد وضعه القانوني من بين أكثر المسائل أهمية في سياسة الطاقة العالمية.
وعقَّدت الأمور محاولات الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين أعلنتا بحر قزوين مجالاً حيوياً لمصالحهما الاستراتيجية، للتأثير على مسار المفاوضات للتوصل إلى اتفاقات جديدة. بل إن واشنطن اقترحت إنشاء وحدات «حارس بحر قزوين» العسكرية لحراسة خط أنابيب النفط باكو (أذربيجان) ـــــ تبليسي (جورجيا) ـــــ جيهان (تركيا) وموارد بحر قزوين.
أما روسيا فتقف بضراوة ضد ظهور الجيوش الأجنبية في هذه المنطقة، وتقترح توفير الأمن فيها بقدرات دول المنطقة، وإنشاء قوة عسكرية بحرية محلية مشتركة لذلك، وتوافقها في ذلك إيران.
وعزّز هذا الشعور أمس «إعلان طهران»، الذي جاء فيه أن «الأطراف يعلنون أن الدول (المطلة على بحر قزوين) فقط هي التي تمتلك الحقوق السيادية في هذا البحر وموارده».
وتبدو المادة الخامسة عشرة من الإعلان الختامي للدول الخمس، كأنها صيغت لتبديد مخاوف إيران من إمكان استخدام الأميركيين الأراضي الأذرية للهجوم على أراضيها. وتقول هذه المادة «إن الأطراف تنوّه بأنها لن تسمح، وسط أي من الظروف، لدول أخرى باستخدام أراضيها لشن عدوان أو القيام بأعمال حربية ضد أي من الأطراف».
وبالنسبة «للملف النووي الإيراني»، أكدت الأطراف على «الحق المشروع لجميع الدول الأعضاء في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في تطوير دراسة وإنتاج واستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية من دون تمييز في إطار أحكام هذه المعاهدة، وكذلك آليات الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وجاء الإعلان الختامي عقب كلمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رحّب فيها بتأليف اللجنة الاقتصادية لبحر قزوين، التي ستعقد برئاستة الصيف المقبل في موسكو.
وقال بوتين إن روسيا ستدعم البرنامج النووي السلمي لإيران، لكنه شدّد على أنه يجب على طهران أن تكون «مخلصة» لمعاهدة حظر الانتشار النووي. وأضاف أن «العلاقات بين ايران وروسيا ستتطور بشكل غير محدود ونأمل أن تفتح هذه الزيارة صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين»، مشدّداً على أن «من مصلحة روسيا وجود ايران قوية».
وبرَّر الرئيس الروسي التأخير في إنجاز محطة بوشهر النووية التي تبنيها روسيا في ايران بـ«التجهيزات البالية» التي وردت من ألمانيا قبل انتقال العقد منها الى موسكو، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الايرانية «ارنا».
وعقد بوتين لقاء مع نظيره الايراني محمود احمدي نجاد ودعاه إلى زيارة موسكو، قبل أن يستقبله المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي.
وكان نجاد، قد اشاد في ختام القمة بـ«اجماع دول بحر قزوين على أن سفنها وقواتها العسكرية هي وحدها التي يؤذن بوجودها في هذا البحر»، واصفاً البيان الختامي بأنه «نقطة تحول».
وأوضح نجاد أن الدول الخمس اتفقت على عقد قمة سنوية واجتماعات نصف سنوية لوزراء الخارجية، مضيفاً أن القمة المقبلة ستعقد في تشرين الأول من العام المقبل في العاصمة الأذرية باكو.
وذكرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أن الرئيس الروسي سيوقِّع خلال زيارته إلى طهران اتفاقية تقضي بتزويد إيران بخمسين محركاً من طراز «إر دي ـــــ 33»، المستخدمة في طائرات «ميغ ـــــ 29» الروسية. ويُقدِّر الخبراء قيمة الصفقة المرتقبة بـ150 مليون دولار. وتنوي إيران تركيب هذه المحركات على المقاتلات الجديدة الإيرانية الصنع «آذرخش» أي الصاعقة.
وسيوقّع بوتين، بحسب الصحيفة نفسها، اتفاقية أخرى حول توريد بضعة محركات من طراز «إر دي ـــــ 5000» لتركيبها على طائرة «شفق».
إلى ذلك، ألغت الصين مشاركتها في لقاء عمل لسياسيين رفيعي المستوى من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن وألمانيا كان مخططاً له اليوم الأربعاء في برلين، لبحث الخلاف حول الملف النووي الايراني.
وكان من المقرر أن يشارك في اللقاء ممثلو ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والصين وروسيا من اجل البحث في امكان فرض عقوبات جديدة على طهران. وعزا متحدث في بكين هذا الإلغاء إلى «أسباب فنية».

موسكو وطهران تقفان بضراوة ضد ظهور الجيوش الأجنبية في منطقة بحر قزوين، وتقترحان توفير الأمن فيها بقدرات
دول المنطقة، وإنشاء قوة عسكرية بحرية محلية مشتركة
لهذه الغاية