حظيت تركيا أمس بتفهم مصري لخطواتها العسكرية على الحدود العراقية ترافق مع دعوة إلى «ضبط النفس»، في وقت عرضت فيه حكومة كردستان العراق «حواراً مباشراً» لحل الأزمة، في ظل استمرار تهديدات حزب العمال الكردستاني، الذي لا يزال يطالب بـ«دولة شبه مستقلة على طريقة اسكتلندا». وتظاهر آلاف الأكراد العراقيّين أمام مقرّ الأمم المتحدة في محافظة أربيل وفي مدينة دهوك، التي تقع على الحدود مع تركيا، احتجاجاً على قرار البرلمان التركي أول من أمس السماح للحكومة باجتياح العراق. وطالبوا المنظمة الدولية بالتدخّل لدى أنقرة للحؤول دون تنفيذ وعيدها.
بدوره، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أمس، إنّ بلاده تريد من مقاتلي حزب العمّال الكردستاني مغادرة شمال العراق «بأسرع ما يمكن»، فيما قالت حكومة إقليم كردستان العراق، في بيان، إنّها «ترحّب بحوار مباشر مع أنقرة حول قضية حزب العمال الكردستاني».
في المقابل، تولّى كل من وزيري الخارجية والعدل في الحكومة التركيّة علي باباجان ومحمد علي ساحين الردّ على التصريحات الأميركيّة التي صدرت عن الرئيس جورج بوش والمتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية جيف موريل. وكان الأخير قد حذّر من «عواقب كبيرة لا تقتصر علينا بل تشمل الأتراك أيضاً» إذا اقتحمت القوات التركية الأراضي العراقيّة.
وشدّد ساحين على حقّ بلاده في اجتياح الأراضي العراقيّة تحت عنوان «مكافحة الإرهاب». وتساءل «ماذا يفعل الأميركيّون في أفغانستان إذاً، فنحن نعاني مع العمّال الكردستاني الشيء نفسه الذي يعانيه الأميركيّون في أفغانستان».
وفي القاهرة، بعد لقاء مع الرئيس المصري حسني مبارك، ردّ باباجان على المسؤولين الأميركيّين بالتحذير من أنّه لا ينبغي لأي طرف «أن يقول إنّ تركيا ليست عازمة على مكافحة الإرهاب»، مضيفاً أنّ لدى أنقرة «العزم والتصميم على مواصلة مكافحة الإرهاب وليس هناك تردّد في ذلك».
وألمح باباجان إلى أنّ الفرصة لا تزال سانحة لحلٍّ توافقي للمشكلة يجنّب العراق تدخّلاً عسكريّاً واسعاً، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ هذه المسألة ستُناقَش خلال اجتماع دول جوار العراق في اسطنبول مطلع الشهر المقبل.
كذلك شدّد باباجان على أنّ موقف بلاده «واضح منذ البداية وهو ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية».
وأوضح باباجان للمسؤولين المصريّين أنّ تركيا قدّمت ضمانات لمصر والدول العربية بأن أي عملية عسكرية تركية «لن تتحوّل إلى احتلال عسكري للعراق». وكرّر الوزير التركي الكلام نفسه خلال لقائه مع كل من رئيس الحكومة المصرية أحمد نظيف والأمين العام للجامعة العربيّة عمرو موسى.
في المقابل، أعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن تفهّمه للإجراءات العسكرية التركية التي اتخذتها أنقرة أخيراً. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع باباجان، إنه «مع فقدان السيطرة العراقية على كردستان منذ التسعينيات، ظهرت الكثير من العواقب، مما اضطر تركيا للتعامل معها في هذا الوقت، ولا نرغب في أن نرى الوضع يتكرر مستقبلاً».
وقالت مصادر مصرية لـ«الأخبار» إنّ مبارك، الذي تلقّى أمس رسالة خطية من نظيره التركي عبد الله غول، حثّ أنقرة على «ضبط النفس وتجنّب التدخل العسكري».
إلى ذلك، توعّد زعيم الجناح المسلّح في حزب العمال الكردستاني مراد كارايلان بإلحاق الهزيمة بالقوات التركية إذا ما هاجمت عناصر حزبه، وحذّرها من أن هذه الخطوة ستوّحد أكراد العراق وتركيا ضدّها. وقال كارايلان، لصحيفة «تايمز» أمس، إنه «لا يزال يأمل إيجاد مخرج سلمي للأزمة مع تركيا»، مشدّداً على أن الحل هو «أن توافق أنقرة على إقامة دولة شبه مستقلة، مثل اسكتلندا، للأكراد في جنوب شرق تركيا».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
يو بي آي، رويترز)