غزة ــ رائد لافي
كارثة صحيّة تتهدّد القطاع... وغازي حمد ينفي انتقاد الحسم العسكري


طغت فوضى قطاع غزة خلال اليومين الماضيين على الاعتداءات الإسرائيلية، التي أوقعت شهيدين، فسقط ثلاثة قتلى في اشتباكات داخلية، أعنفها وقع بين «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، في وقت تتهدّد فيه كارثة صحية حياة المرضى بعد إغلاق غرف العمليات بسبب نفاد غاز «النيتروز» الطبي.
وتوصلت حركتا «حماس» و«الجهاد» إلى اتفاق في وقت متقدم من ليل السبت ـــ الأحد، برعاية لجان المقاومة الشعبية، قضى بسحب المسلحين من الشوارع وأسطح البنايات وإطلاق سراح المخطوفين من الجانبين وإزالة كل مظاهر التوتّر في مدينة غزة.
وقالت الحركتان، في بيان، إن «قادة من الحركتين التقوا عقب الأحداث المؤسفة، وأبدوا حرصاً على تطويقها وإعادة الهدوء إلى المدينة، وتشكيل لجنة لدراسة أسباب المشكلة ومعالجتها بما يحافظ على عمق العلاقة بين الحركتين».
وكانت الصدامات قد اندلعت بين مسلحين من الجانبين في أعقاب احتجاج عناصر مسلحة من حركة «الجهاد» على اعتقال الشرطة أحد عناصرها في المدينة للتحقيق معه في خلاف عائلي. وأغلق مسلحون الشوارع، وأطلقوا النار على نشطاء من حركة «حماس» واختطفوا آخرين رداً على عملية الاعتقال.
وأعلنت مصادر طبية مقتل المواطنة هيام أحمد صقر (51 عاماً)، وإصابة نجلها الناشط في كتائب «عز الدين القسام»، خلال الاشتباكات المسلحة العنيفة التي امتدت من حي تل السلطان غرب المدينة إلى مخيم الشابورة.
وبحسب المصادر نفسها، فإن نحو 15 ناشطاً من الجانبين، بينهم عدد من المدنيين، أصيبوا بجروح متفاوتة جراء التراشق بالأسلحة الرشاشة. وتبادل الطرفان عمليات الخطف في صفوف أنصارهما، وبحسب مصادر محلية، فإن عدد المخطوفين من الجانبين يزيد على 20 شخصاً.
وفي السياق، أعلنت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة توصّلها إلى اتفاق مع عائلة حلس، مساء أول من أمس، للحفاظ على الدم الفلسطيني وحرصاً منها على فرض القانون والنظام وإعطاء الفرصة للجنة التنسيق المكونة من الوجهاء والوساطات.
وجاء هذا الاتفاق، وهو الثاني خلال أقل من ثلاثة أيام، في أعقاب مقتل اثنين من المواطنين أحدهما من عائلة حلس، وطفل، جراء تجدد الاشتباكات بين الطرفين.
وأوضحت وزارة الداخلية، في بيان، أن الاتفاق الجديد ينص على «التزام عائلة حلس بعدم إطلاق النار وإزالة جميع مظاهر التسلح وإزالة الحواجز التي تعيق حركة المواطنين، وتسليم المشتبه فيهم في حادث إطلاق النار على المواطن إبراهيم شلبية إذا ما ثبت تورط أيّ من أبناء العائلة في الحادث».
في هذا الوقت، استشهد المنقذان البحريان رائد شملخ ونزار أبو عرب، جراء قصف القارب الذي كانا يستقلانه قبالة شواطئ مدينة غزة، بصاروخ أطلقه زورق حربي إسرائيلي.
وفي ظل نزف الدم اليومي في القطاع، أعلنت وزارة الصحة في حكومة اسماعيل هنية، إغلاق غرف العمليات في مستشفى الشفاء، كبرى مستشفيات القطاع، جراء نفاد «غاز النيتروز»، اللازم لتخدير المرضى، وامتناع دولة الاحتلال عن إمداد القطاع به.
إلى ذلك، نفى المتحدّث باسم رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، غازي حمد، أن يكون قد بعث برسالة إلى قادة حركة «حماس» انتقد فيها سيطرة الحركة على قطاع غزة.
وأرسل حمد بياناً توضيحياً لوسائل الإعلام قال فيه إن «الرسالة المنسوبة إليه، والتي نشرها موقع أمد الإخباري على موقعه على الأنترنت، غير صحيحة على الإطلاق وإنه لم يقم بكتابتها أو نشرها». وأضاف: إن «جهات قامت بنشر الرسالة في محاولة لخلق حالة من البلبلة والإرباك في المجتمع الفلسطيني من خلال فبركة مثل هذه الرسائل».
إلا أن مصادر فلسطينية مطّلعة قالت إن الرسالة «كتبها حمد فعلاً» لكنه لم يقم بنشرها، وقد وصلت بطريقة ما إلى قيادات في السلطة الفلسطينية في رام الله، حيث قامت بتسريبها لوسائل الإعلام.
وتضمنت الرسالة انتقاد حمد للحسم العسكري الذي قامت به حركته في قطاع غزة، داعياً قادتها إلى الاعتراف بهذا الخطأ والتراجع عنه. وقال «إن ما ذهبت إليه حماس من حسم عسكري في قطاع غزة لم يكن له ما يبرره وخطأ استراتجي فادح حمل الحركة ما لا تطيق».
وأضافت الرسالة أنه «كان يمكن لحماس أن تعالج الأزمة في قطاع غزة (بجرعة) محدودة يصفها أطباء مهرة بدلاً من ترك الأمور تتدحرج بلا كوابح وبلا حسابات وبلا استشراف لما ستؤول إليه الأمور».