strong>ربى أبو عمو
رغماً عن إرادتهما، انفصل التوأمان المحافظان كاتزينسكي عن عملهما المزدوج المتمثّل في توليهما أعلى منصبين في بولندا، ليبقى الرئيس ليخ كاتزينسكي وحيداً بعد فوز حزب «القاعدة المدنية» الليبرالي في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت الأحد الماضي، في خطوة تفرض تحوّلاً جذرياً في علاقة هذا البلد مع المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ليش فاليسا، الرئيس البولندي السابق، وأحد المنتقدين لسياسة التوأمين اللذين يتزعمان حزب «القانون والعدالة»، رأى أن فوز الحزب المعارض هو بمثابة «إعادة اعتبار لنا، إذ سيعمد إلى استغلال الفرص المؤاتية لتقوية علاقة بولندا مع الاتحاد الأوروبي، وتحسين صورتنا في الخارج».
ولم تولد السمعة السيئة لبولندا من لا شيء. إذ أسهمت سياسة التوأمين كاتزينسكي تجاه الاتحاد الأوروبي في نعتهما بـ«المشاغبين». لكنهما تمكنا في الوقت نفسه من نيل ثقة الولايات المتحدة التي اعتبرتهما الحليف «الموثوق به». إلا أن هذه العلاقة الوثيقة لن تدوم طويلاً بعدما تبنّى «القاعدة المدنية» في حملته الانتخابية سياسات مخالفة، من شأنها أن تغيّر مسار البلد الشيوعي السابق.
ويتجلّى ذلك في ما أعلنه زعيم الحزب، دونالد تاسك، عن توجهه إلى سحب جنوده من العراق، البالغ عددهم 900 جندي، وعن رفضه الحاسم لنشر الدرع الصاروخية الأميركية على الأراضي البولندية، وأن اهتمامات الحزب تتركّز في تأمين عضوية بولندا في الاتحاد الأوروبي.
ولتحقيق العضوية ضمن فترة زمنية لا تتجاوز عام 2012، يطالب هذا الحزب بالتوقف عن مطاردة بقايا النظام الشيوعي، التي كانت في صلب اهتمام التوأمين كاتزينسكي، والتركيز عوضاً عن ذلك، على تطوير اقتصاد البلد من خلال المضي بتطبيق سياسة اقتصادية ليبرالية، تتمثل في تبنّي مشروع «الخصخصة» وتقليص الضرائب ومساعدة البلاد، التي يبلغ عدد سكانها 38 مليون نسمة، إلى الاقتراب من التعامل باليورو.
وفي رسالة أولى إلى الاتحاد الأوروبي، أعلن أحد نواب رئيس «تحالف يسار الوسط»، ياتسيك ساريوش ـــــ فولسكي، أن الحكومة الليبرالية المقبلة ستقرّ ميثاق الحقوق الأساسية المدرج ضمناً في الدستور الأوروبي الجديد، الذي كان الشقيقان كاتزينسكي يرفضان التوقيع عليه.
وسيحاول الرئيس البولندي، الذي تنتهي ولايته في عام 2010، في المقابل، استخدام حق النقض في مواجهة سياسات الحزب الليبرالي الفائز، رغم عدم كفاية أصوات أعضاء حزبه في البرلمان لتأييد قراراته. وإن كان «القاعدة المدنية» قد عجز بفارق ضئيل عن الحصول على الغالبية المطلقة البالغة 230 مقعداً في المجلس النيابي، فمن غير المتوقع أن يواجه تاسك، المرشح لمنصب رئيس الوزراء، أي صعوبة في تشكيل الحكومة نظراً لتأييد حزب «الفلاحين» لتوجهات حزبه.
وأقر رئيس الوزراء المنتهية ولايته ياروسلاف كاتزينسكي بهزيمته قبل الإعلان الرسمي للنتائج المتوقع اليوم، قائلاً: «سنشكل معارضة متشدّدة لمحاسبة كل الوعود الانتخابية». ورفض الاتصال بخصمه لتهنئته.
أما تاسك فقد دعا من جهته البولنديين إلى المصالحة بعد الانقسامات التي شهدتها البلاد منذ وصول الشقيقين كاتزينسكي إلى السلطة قبل سنتين.
وأظهرت نتائج شبه رسمية أن حزب «القاعدة المدنية» حصل على 44 في المئة من الأصوات في مقابل 31 في المئة لحزب «القانون والعدالة». كما حصل الحزب الديموقراطي اليساري على 12 في المئة من الأصوات، في مقابل 8 في المئة لـ«حزب الفلاحين البولندي» المحافظ. ولم يحصل أي حزب آخر على نسبة الخمسة في المئة التي تخوّله دخول البرلمان.
وأثار هذا الاستحقاق تعبئة كبيرة بين الناخبين عبرت عنها نسبة المشاركة التي بلغت 55.3 في المئة، التي تعدّ نسبة قياسية لانتخابات تشريعية منذ سقوط الشيوعية عام 1989.