رام الله ــ أحمد شاكر
دايتون يجول في الضفة: السلطة الفلسطينية غير جاهزة لتسلّم الأمن


يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم الجمعة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في القدس المحتلة، في مسعى آخر منهما لجسر الفجوات في المفاوضات الهادفة إلى بلورة وثيقة مشتركة ستقدم خلال مؤتمر أنابوليس للسلام.
وجدّد أولمرت أمس خفض سقف التوقعات، وهو ما شاركه فيه المنسّق الأميركي للأراضي الفلسطينية كيت دايتون، الذي رأى أن السلطة غير جاهزة لتسلّم مسؤوليات الأمن في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال مسؤول فلسطيني لـ «الأخبار»، إن «عباس سيطالب أولمرت بضرورة الإسراع في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق قبل المؤتمر الدولي، وسيطالبه بتقديم التسهيلات والتنازلات للجانب الفلسطيني من أجل الشعور بأهمية هذه المفاوضات في هذا الوقت الحساس».
وأوضح المسؤول المقرّب من عباس أن «أبو مازن سيدعو أولمرت ووزير دفاعه إيهود باراك إلى التخفيف من معاناة المدنيين في الضفة الغربية والسماح لهم بالتحرك، والسماح لقوات الأمن الفلسطينية بفرض القانون والنظام هناك، كذلك سيطالب بإدخال مساعدات إنسانية وصلت من عدد من الدول العربية إلى قطاع غزة».
وقالت صحيفة «هآرتس» إن «الخلاف لا يزال قائماً بين الطرفين بشأن مواصلة المفاوضات والبيان المشترك، وبشأن طلب إسرائيل العودة إلى مناقشة تطبيق المرحلة الأولى من خريطة الطريق». وأضافت أن الفلسطينيين «يدّعون أنهم قاموا بتطبيق المرحلة الأولى، وأنه حان دور إسرائيل لتقوم بإخلاء البؤر الاستيطانية ووقف عمليات البناء في المستوطنات». وأقرّ المستشار الرئاسي الفلسطيني نمر حماد بأنه «منذ أسبوعين، لم تعقد بين طاقم المفاوضات سوى ثلاثة لقاءات، ولم تكتب خلال هذه اللقاءات حتى كلمة واحدة». وقال «حتى الآن، المحطة الأولى من بدء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متعثرة، وهذا ما جعل الحديث يدور حول تواريخ جديدة لانعقاد اجتماع تشرين الثاني».
واستبق أولمرت أمس اللقاء بالتحذير من «توقّع حدوث انفراج كبير في مؤتمر أنابوليس».
وقال، أمام يهود أميركيين يجمعون الأموال لإسرائيل، «لا نريد أن نضلّل أحداً بأن أنابوليس ستكون مناسبة تشهد إبرام السلام بيننا وبين الفلسطينيين. لم نصل إلى هذا بعد. أنابوليس ليس المناسبة التي سيعلن فيها السلام».
وأضاف أولمرت أنه سيعقد اليوم أيضاً اجتماعاً منفصلًا مع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض ستيفن هادلي. وقال مسؤولون فلسطينيون إن عباس سيجتمع مع هادلي اليوم أيضاً.
وأبلغت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، مستشار الأمن القومي الأميركي، خلال لقائهما في القدس المحتلة أمس، أن الجانب الفلسطيني «لم ينفذ التزاماته في المرحلة الأولى من خريطة الطريق»، في إشارة إلى محاربة «الإرهاب».
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن ليفني أطلعت هادلي على سير المحادثات بين طاقمي المفاوضات الإسرائيلي والفلسطيني. وقالت إن «عملية التفاوض معقدة وعلينا أن نديرها بحكمة لكي نتمكن من التوصل إلى تفاهمات ينفذ الفلسطينيون في أعقابها التزاماتهم الأمنية في خريطة الطريق، وفقط عندئذ سيكون بإمكان إسرائيل تنفيذ التزاماتها في التفاهمات».
وتأتي زيارة هادلي قبل جولة لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس من المقرّر أن تبدأ في الرابع من الشهر المقبل، وشمل الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بهدف الضغط لاستكمال صياغة الإعلان الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني المقرر إعلانه في أنابوليس.
من جهته، شدّد الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني، بعد لقائهما في عمّان أمس، على ضرورة أن «يبحث مؤتمر انابوليس في القضايا الجوهرية للنزاع العربي ـــــ الاسرائيلي بما يمهّد الطريق لقيام دولة فلسطينية».
وذكر بيان للديوان الملكي الأردني أن الجانبين أكدا «أهمية التحضير والإعداد الجيد لهذا اللقاء ووضع جدول أعمال محدد لمفاوضات الحل النهائي بهدف إنجاح عملية السلام ومناقشة قضايا القدس والحدود واللاجئين».
من جهة ثانية، قال عباس للصحافيين، إن لديه معلومات عن أن «حماس» تجري اتصالات مع إسرائيل للعمل على تهدئة الأوضاع و«تطبيع العلاقات». وقال «نحن لدينا معلومات أن هناك رجالاً من حماس يلتقون مع اسرائيليين في معبر ايريز، وهذه المعلومات شبه مؤكدة، للعمل على التهدئة وتطبيع العلاقات او غيرها». وأضاف «اؤكد أن حماس جزء من الشعب الفلسطيني بلا نقاش، وأنها نجحت في الانتخابات التشريعية وأخذت غالبية، ولا أنكر هذا، لكنها ارتكبت حماقة كبيرة وهي الانقلاب». وأضاف «إذا تراجعت عن الانقلاب، فستفتح الابواب مرة أخرى للحوار والتعاون والصلات القديمة».
في هذا الوقت، أفادت مصادر أمنية فلسطينية أن المنسق الأمني الأميركي للسلطة الفلسطينية نقل للجانب الفلسطيني موافقة إسرائيل على نشر 500 عنصر من الأجهزة الأمنية في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية في الأول من شهر تشرين الثاني المقبل.
وقام دايتون بجولة تعارفية على قادة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية. وقال إن الـ 500 عنصر من الاجهزة الامنية الفلسطينية سيتمركزون في مقار مؤقتة «كرفانات» اضافة إلى وجود مقرين ثابتين لهم.
ورغم ما قاله دايتون لقادة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، فإن صحيفة «هآرتس» نقلت عنه قوله، في أحاديث مغلقة، إن قوات الأمن الفلسطينية التي تعمل في الضفة غير جاهزة الآن لتحمل المسؤولية الأمنية عن المدن الفلسطينية. وتشير تقديرات دايتون إلى أن قوات الأمن الفلسطينية ستكون جاهزة للمهمة الأمنية بعد استكمال تدريبات أخرى في الأشهر الستة المقبلة.
إلى ذلك، وصفت «حماس» التمويل الأميركي للأجهزة الأمنية الفلسطينية بـ410 ملايين دولار بأنه «مكافأة لها على قمعها لحماس». وقال المتحدث باسم الحركة، فوزي برهوم، إن القرار الأميركي يؤكّد «تبعية» الأجهزة الأمنية الفلسطينية للإدارة الأميركية. وأضاف أن ذلك يهدف إلى «تدمير مؤسسات حماس ويأتي أيضاً في إطار المباركة الأميركية لهذه الأجهزة لتطبيقها الحرفي لخطة دايتون الأمنية المقيتة التي تهدف إلى قمع المقاومة وتدمير حماس وحماية الاحتلال وتحويل القضايا الرئيسية للشعب الفلسطيني إلى قضايا حياتية ويومية فقط».