strong>قبل أيّام من وصول وزيرة الخارجية الأميركيّة كوندوليزا رايس إلى اسطنبول للمشاركة في مؤتمر دول جوار العراق، كرّرت أنقرة أمس انتقاداتها القويّة للموقف الأميركي من الأزمة المستفحلة مع «حزب العمّال الكردستاني»، في الوقت الذي بدأت تلوح في الأفق بوادر وساطتين: الأولى، سوريّة لحلّ الأزمة سلميّاً.والثانية، أميركيّة للإفراج عن الرهائن الأتراك الذين أسرهم المقاتلون الأكراد
في ظل تكتم تركي عن تفاصيل زيارة الوفد العراقي الأمني إلى أنقرة ، انتقد رئيس الحكومة رجب طيّب أردوغان بشدّة أمس دعوة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى ضبط النفس، في وقت هددت فيه بغداد بوقف الإمدادات النفطية إلى تركيا إذا اجتاحت قواتها الأراضي العراقية.
وقال أردوغان، في مؤتمر صحافي مع نظيره الروماني كالين تاريسينو في بوخارست، «بالطبع يمكنها (رايس) أن تعرب عن الأمل بألّا تقوم تركيا بعملية خارج حدودها، غير أنّ القرار بشأن ضرورة مثل هذا التدخّل يعود لنا، لا للأميركيّين»، مجدّداً التأكيد على أنّ بلاده مصمّمة على القيام بعملية عسكرية في شمال العراق «متى اقتضى الوضع». وتساءل أردوغان «عمّا يبحث الأميركيون في العراق على بعد عشرة آلاف كيلومتر من ديارهم؟ أنا متضايق (من حزب العمّال الكردستاني). فما الذي ضايق الأميركيّين في العراق؟».
أما الرئيس التركي عبد الله غول فقال من جهته، في اجتماع للدول المطلّة على البحر الأسود في أنقرة أمس، «نحترم وحدة العراق وسلامة أراضيه، لكن صبرنا نفد ولن نقبل باستخدام الأراضي العراقية لأنشطة إرهابية».
بدوره، أكّد مساعد وزيرة الخارجية الأميركيّة لشؤون آسيا وأوروبا ماثيو بريزا أنّ واشنطن تبذل جهدها «وتفعل ما في وسعها» للإفراج عن الرهائن الأتراك الذين اختطفهم المقاتلون الأكراد يوم الأحد الماضي. وتزامن هذا التصريح مع بيان لـ«العمّال الكردستاني» أفصح فيه عن أنّ الجنود الثمانية موجودون في الأراضي التركية.
وكانت قيادة الأركان التركية قد أعلنت في وقت سابق أنّها صدّت مساء أوّل من أمس هجوماً للأكراد قرب الحدود مع العراق. وأكّد بيان للجيش أنّ المجموعة المهاجِمة «وُوجِهَت وقُتل منها أكثر من 30 إرهابيّاً».
وعن الاجتماع التركي ـــــ العراقي في أنقرة، قالت وزارة الخارجية التركية إنّه يتعذّر عليها تقديم التفاصيل حوله. وكانت تركيا قد وصفت زيارة المسؤولين العراقيين بأنها «الفرصة الدبلوماسيّة الأخيرة» قبل ولوج الحسم العسكري.
وكشف النائب العراقي عن التحالف الكردستاني محمود عثمان عن أنّ الوفد الأمني العراقي يضمّ ممثّلين عن إقليم كردستان العراق، وهو أمر كانت ترفضه تركيا بشكل دائم، بحجة أنها لا تعترف بشرعيّة حكومة هذا الإقليم.
في هذا الوقت، كشفت صحيفة «صباح» التركية، أمس، عن نيّة أنقرة فرض عقوبات على كردستان العراق، وعلى رئيسه مسعود البرزاني بشكل خاص، عبر خفض إمدادات الكهرباء ورفع أسعارها وتعقيد الإجراءات على الحدود ومراقبة الصفقات الشخصية للبرزاني، الذي يملك ومعاونيه أكثر من 118 شركة في تركيا.
وردّت حكومة الإقليم الكردي أمس على رئيس حكومة بغداد نوري المالكي، الذي وعد تركيا بإغلاق مكاتب حزب العمال الكردستاني في بلاده. وقال المتحدّث باسمها جمال عبد الله «ليس هناك أي مكاتب أو مقرّات لحزب العمال الكردستاني في الإقليم. أمّا إذا كان المالكي لديه مكاتب في مناطق أخرى في العراق فليغلقها».
وفي دمشق، أشار رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، بعد لقائه الرئيس السوري بشّار الأسد في دمشق أمس، إلى وجود «مشروع وساطة» سورية لحلّ الأزمة مع تركيا دبلوماسياً، على أن «تُكشَف تفاصيلها في الوقت المناسب».
ووجه المشهداني تهديداً اقتصادياً لأنقرة بوقف تصدير النفط الخام من كركوك إلى ميناء جيهان التركي إذا اجتاح جيشها الأراضي العراقية. كما حذّر من مغبّة غرق الجيش التركي في حملة قد لا يستطيع الفوز بها «وقد يخسر هيبته فيها».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)