بينما يجري الحديث جدّياً عن اجتياح تركي لأراضي إقليم كردستان العراق لضرب معاقل حزب العمّال الكردستاني، لا بدّ من الوقوف على ميزان القوى بين الطرفين من نواحي التسليح والتدريب والتمويل والكفاءة القتاليّة.عسكريّاً، تقدّر تركيا عدد مقاتلي الحزب الكردي الناشطين في جبال قنديل العراقيّة بنحو 6000 عنصر، بينما تملك هي ثاني أكبر جيش نظامي من حيث العدد لدولة عضو في حلف شمالي الأطلسي (بعد الولايات المتّحدة)، إذ يبلغ مجموع جنودها نحو 550 ألفاً، 150 ألفاً منهم ينتشرون على الحدود مع شمال العراق مدعومين بـ75 ألف من الميليشيات شبه النظاميّة لحرس الحدود التركيّة.
من ناحية التسليح؛ يستعمل مقاتلو «العمّال الكردستاني» في معاركهم أسلحة خفيفة ومتوسّطة من بنادق الـ«كلاشنيكوف ak 47» إلى جانب قاذفات الـ«بي 7» المحمولة على الأكتاف.
أمّا في الجانب التركي، فيملك الجيش أحدث الأسلحة التي تبدأ من الرشاشات الآليّة المحليّة الصنع «g 3»، التي يمكنها إصابة أهداف بعيدة المدى بما لا يمكن مقارنته بالـ«كلاشنيكوف»، بالإضافة إلى الأسلحة الثقيلة من دبابات الـ«هويتزرز» وناقلات الجنود المدعومة من المروحيّات الحديثة والمقاتلات الحربيّة.
من جهة التمويل، تتّهم أنقرة «العمّال الكردستاني» بتأمين موارده الماليّة من تجارة المخدّرات وتجارة الرقيق في أوروبا، وهو ما ينفيه الحزب الكردي الذي يقول إنّه يعتمد على جمع التبرّعات من الشتات الكرديّ في أوروبا وأميركا.
في المقابل، تبلغ الموازنة السنويّة للجيش التركي ما يقارب 11 مليار دولار، علماً بأنّ معظم التسليح الثقيل لهذا الجيش (طائرات، دبابات، مروحيّات...) هو عبارة عن دعم أميركي.
وفي شأن التدريب، فإنّ معظم المقاتلين الأكراد يتعلّمون أساليب القتال منذ الصغر، ويُربَّون على الحياة القاسية منذ الولادة في جبال ظروف العيش فيها صعبة جدّاً. أمّا المقاتلون الأتراك النظاميّون، فلا يبدأون في التدرّب على السلاح قبل بلوغهم سنّ الـ20. وفيما يمكن اعتبار المقاتلين الأكراد من أهمّ الفرق القتاليّة احترافاً، يبقى الجنود الأتراك ذوي كفاءة أدنى بكثير، لأنهم يتسلّمون أسلحتهم وينتشرون على الجبهات فقط بعد 4 أشهر من التدريب.
تجدر الإشارة إلى أنّ العمليّة الأولى التي شنّها مقاتلو «الكردستاني» ضدّ القوات التركيّة، كانت في 15 آب 1984 (وهو تاريخ يحتفل به الأكراد سنويّاً كعيد قومي)، ووصلوا إلى ذروة قوّتهم عام 1990. ومن أبرز العمليّات التي نفّذوها، كانت عام 1993 عندما قتلوا 33 جندياً تركياً، وعدداًَ كبيراً من ميليشيات حرس الحدود الأكراد الموالين لأنقرة في جنوب شرق البلاد.
وقبل عام 1990، أفرغت القوّات التركيّة معظم القرى ذات الغالبية الكرديّة من سكّانها منعاً لإمداد المقاتلين بالدعم اللوجستي، مرتكبين جرائم كبيرة في انتهاك لحقوق الإنسان.
ولم تدم فترة الهدنة بين الطرفين سوى 5 أعوام، بين 1999 (تاريخ اعتقال القائد عبد الله أوجلان) و2004، عندما عاود «العمال الكردستاني» عملياته بوتيرة قويّة. وتبلغ حصيلة القتلى من الطرفين منذ 1984 ما يقارب 40 ألف شخص.
(أ ب)