تخوض إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش منذ أشهر حرباً من نوع آخر، هذه المرة على الأرض الأميركية وداخل واشنطن نفسها، مع رئيس لجنة المراقبة في الكونغرس هنري واكسمان، الذي تحوّل إلى أسوأ كوابيس البيت الأبيض.ويبدو أن نشاط العضو الديموقراطي الستيني في الكونغرس لا يعرف حدوداً، فهو دائماً جاهز لعقد جلسة استماع وفتح تحقيق داخلي في الإدارة أو إطلاق تقرير ناري جديد حول العقود الفدرالية أو الاحتباس الحراري أو الصحة العامة والأدوية، وحتى الرياضة.
ومن «انتصاراته» الأخيرة، مثول وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أمام لجنة المراقبة أول من أمس للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بقضايا الفساد والعقود المشكوك بصحتها التي وقّعتها الإدارة في العراق.
ويقول واكسمان «علينا أن نعلم الناس أن لديهم من يرعاهم بعد ست سنوات من دون مراقبة على الإطلاق». ويضيف «لدينا الكثير من الفواكه الجاهزة لنقطفها». و«كابوس» لجنة المراقبة لا يتمثل بواكسمان منفرداً بالنسبة لإدارة بوش. فهي تخوض حرباً كاملة مع فريقه الكبير المتمرس والمعروف بحنكته، والذي كان ينتظر هذه اللحظة منذ 14 عاماً. ويتّفق الجمهوريون والديموقراطيون على السواء، أن واكسمان استطاع جمع ثلاث صفات في فريقه هي: التصميم والخبرة والولاء، وهو ما جعل من لجنته، التي تضاعف عدد أعضائها الديموقراطيين إلى 75، أحد مراكز القوة في الكونغرس.
ويقول رئيس لجنة المخصصات في الكونغرس، ديفيد أوباي، «هل تعتقد أن قيادة الحزب (الديموقراطي) هي التي تصمّم كل شيء يقوم به؟ القيادة تعلم فيما تريد التحقيق، لكن هنري لديه أيضاً سنوات مهمة من الخبرة والتمرس تخوّله أن يقوم بعمل لا يستطيع أحد غيره القيام به».
لكن بحسب الجمهوريين، فإن هذه اللجنة لم تكن لتملك هذا النفوذ لولا بعض الظروف المتمثلة بضعف شعبية الإدارة الحالية، وتدنّي مستوى التأييد للحرب، وحصول واكسمان على ضوء أخضر من قيادته للتصرف.
ويتذمّر الجمهوريون من أن اللجنة المذكورة أصبحت «تحقق أكثر مما تشرّع»، ويتهمونها بتجاوز صلاحياتها عبر استجواب الشهود مباشرة.
ويشعر الحزب الجمهوري بأن مجموعة واكسمان تحتفظ دوماً بالتقارير في «جيوبها الخلفية»، وهي جاهزة لاستغلال أي حادثة تسلط وسائل الإعلام الضوء عليها. ويقول أحد الجمهوريين «إنهم يفهمون جيداً أن لا شيء أكثر إثارة من رؤية رسالة إلكترونية أو وثيقة سرية لم يكن يجدر بهم رؤيتها». ويشير آخرون إلى أن اللجنة تفتح بعض تحقيقاتها أحياناً بعد سماع تقارير وسائل الإعلام.
أما «سرّ المهنة»، بحسب واكسمان نفسه، فيكمن في متابعة التحقيقات «أينما قادت». ولعلّ المثال الأبرز على إصراره هو التحقيق الذي بدأته اللجنة بشأن المحاباة السياسية والانتخابية في عقد وقّعته «إدارة الخدمات العامة» مع شركة محلية، قاد في ما بعد إلى توسيع التحقيق حتى أصبح اليوم شاملاً يتناول تسييس الإدارة الفدرالية عبر إعداد جداول بالأعمال والنشاطات التي استغلّ فيها مسؤولو البيت الأبيض عدداً من الوكالات الفدرالية لدعم مرشحين في انتخابات الكونغرس عام 2006.
ويبدو واكسمان مصمّماً على دكّ إدارة الحزب الجمهوري عبر ملاحقة فضائحها، وسط تهليل الحزب الديموقراطي، الذي يشدد قائد أكثريته رام إيمانويل «نريد أن نكون الحزب الذي ينظّف الهدر والاحتيال. ولجنة هنري هي رأس حربتنا».
(عن «واشنطن بوست»)