رام الله ــ أحمد شاكر
رايس تعود مع «الدعوات»... وليبرمان يعرض شروطه للسلام


ملامح فشل المؤتمر الدولي للسلام تتضّح يوماً بعد يوم، فلسطينياً وإسرائيلياً، ولا سيما مع الأنباء العبرية التي تحدثت عن توافق الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت على استبعاد قضايا الحل النهائي عن الوثيقة المشتركة، في خطوة تمثّل، إذا صحّت، تنازلاً فلسطينياً جديداً لحساب حماية ائتلاف أولمرت، وخصوصاً بعد «الخطوط الحمر» التي وضعها رئيس كتلة «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان لرئيس الحكومة.
وذكرت صحيفة «معاريف» أمس أن أولمرت وعباس اتفقا في اجتماعهما الجمعة على عدم طرح مواضيع الحل النهائي كاللاجئين والحدود والقدس في محادثات مؤتمر انابوليس. وقالت إن «إنجازاً كبيراً حققه أولمرت ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني بإقناع الرئيس الفلسطيني بأن يكون هدف المؤتمر هو الدعوة إلى العودة إلى خريطة الطريق وتشجيع عملية السلام من دون توقّع اختراق كبير في الأمور الأساسية المذكورة أو مطالبة الفلسطينيين بتنازلات أساسية في تلك المواضيع».
ونقلت الصحيفة عن مصادر على صلة وثيقة بالاجتماع قولها إن الجانبين «وافقا على أن الفلسطينيين ستكون لهم دولة بعد تجريد منظمات الإرهاب من أسلحتها، وهو ما يعني تنفيذ المرحلة الأولى من خريطة الطريق، التي تنص أيضاً على تجميد الاستيطان وإزالة النقاط الاستيطانية غير المشروعة».
وأشارت المصادر إلى أن «الجانبين اتفقا على مناقشة قضايا إنشاء مؤسسات السلطة الفلسطينية ومراكز القوة والقرار وتعاونها مع نظيراتها الإسرائيلية بدلاً من مناقشة القضايا ذات الطابع النهائي»، موضحة أن «النقاش سيمتد إلى المرحلة النهائية من خريطة الطريق، وهي إنشاء الدولة الفلسطينية، بشرط تطبيق المراحل الأولى».
وكانت مصادر اسرائيلية مطلعة قد ذكرت أول من أمس أن الرئيس الأميركي جورج بوش أبدى تشكّكاً عميقاً في قدرة مؤتمر انابولويس على جسر الهوّة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن خلافات عميقة في الرأي نشأت في الفترة الأخيرة بينه وبين وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس.
وأوضحت المصادر أن بوش أبلغ وفدين يهوديين زارا البيت الأبيض في الفترة الأخيرة أنه لن يسمح بأن يتحوّل المؤتمر إلى تظاهرة ضد إسرائيل أو أن يخرج بقرارات تهدّد أمن الدولة العبرية.
وفي ضوء الممانعة الأميركية والتنازل الفلسطيني، برز أمس حديث لمصادر مقرّبة من الرئاسة الفلسطينية أشارت إلى أن رايس «هدّدت بالعمل على قطع المساعدات المالية التي تقدمها الدول المانحة للجانب الفلسطيني إذا لم تقم القيادة الفلسطينية بإنجاح اللقاء الدولي المرتقب». وأضافت إن «هناك شخصيات فلسطينية تدعم بشدة الموقف الأميركي، وتقف إلى جانب الأفكار والاقتراحات السياسية الأميركية في غير مصلحة الحق الفلسطيني».
وفي السياق، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن رايس، التي ستزور المنطقة الشهر المقبل، ستحضر معها الدعوات إلى الفلسطينيين والإسرائيليين لحضور مؤتمر الخريف للسلام.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أيضاً أمس أنه من المقرر عقد قمة ثلاثية تضمّ الرؤساء الفلسطيني محمود عباس والتركي عبد الله غول والإسرائيلي شمعون بيريز في الثلث الأول من شهر تشرين الثاني المقبل. وأوضحت أن السفير الفلسطيني لدى تركيا، نبيل معروف، هو الذي أعلن ذلك، مضيفاً إن القمة الثلاثية في حال عقدها ستستهدف بشكل خاص الدفع باتجاه تنفيذ المنطقة الصناعية التي يخطط القطاع الخاص التركي لإقامتها.
إلى ذلك، عرض نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي وزير الشؤون الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان رؤيته للحل الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك في وثيقة نشرها أمس، تتضمن مواقف متشددة من كل قضايا الصراع. ويطالب ليبرمان بإجراء تبادل سكاني يضمن غالبية يهودية في إسرائيل، ويتمسّك ببقاء القدس الشرقية والحرم القدسي تحت السيادة الإسرائيلية، ويعترض على حق عودة اللاجئين وعلى فتح الممر الآمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ودعا ليبرمان إلى أن تؤكّد التسوية مع الفلسطينيين «الطابع اليهودي والصهيوني لإسرائيل»، وأن تشمل «كل تسوية سياسية بنداً يؤكّد نهاية الصراع، أي عدم وجود أي مطالب متبادلة في المستقبل». كما طالب بأن يتم تحديد الوضع الحدودي للقدس قبل مؤتمر أنابوليس «بحيث يبقى الحوض المقدس تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، مع ضمان حرية ممارسة العبادة».
وتمثّل الوثيقة، بحسب مراقبين، مجموعة من الخطوط الحمر في وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولا سيما أن ليبرمان كان قد هدّد أكثر من مرة بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، ما يعني إسقاط حكومة أولمرت.
وتقول وثيقة ليبرمان «لن تسمح إسرائيل بوجود ممرّ بين الضفة الغربية وقطاع غزة في مناطقها السيادية»، مشيرة إلى أن «هذا الوضع يتطابق مع الوضع الذي كان قائماً قبل حزيران 1967 والأوضاع ما قبل قيام إسرائيل».
وترى الوثيقة أن «حلّ الصراع ينبغي أن يشمل اتفاقاً سكانياً وتبادل مناطق بحيث يضمن وجود دولتين قوميتين متجانستين، ولا ينتج وضعاً يكون فيه دولة ونصف دولة للفلسطينيين ونصف دولة لليهود»، مضيفة «ينبغي عدم القبول بواقع تقوم فيه دولة فلسطينية من دون أن تشمل يهودياً واحداً، وفي المقابل، تتحوّل دولة إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية وتشمل أكثر من 20 في المئة من أبناء الأقلية».
ويطالب ليبرمان «بنشر قوات تابعة لحلف شماليّ الأطلسي في المناطق الفلسطينية إذا ما وجد الفلسطينيون صعوبة في وقف النشاطات الإرهابية».