القاهرة ـ الأخبار
في خطوة مفاجئة تعكس استمرار الطريق نحو تلميع صورة ابنه جمال مبارك، القيادي البارز فى الحزب الحاكم، أعلن الرئيس المصري حسني مبارك أمس إحياء البرنامج النووي المصري للاستخدامات السلمية، متراجعاً بذلك عن قراره بتجميد البرنامج إثر حادث التسرب الإشعاعي فى مفاعل تشرنوبيل في أوكرانيا عام 1986.
وقال مبارك، خلال افتتاح المرحلة الثانية لمحطة كهرباء شمال القاهرة، إنه سيصدر خلال أيام قراراً بإنشاء المجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية، من دون أن يحدّد توقيتاً معيناً لبدء بناء المحطات. كما أعلن أن هذه المحطات ستُنفّذ في إطار من الشفافية وبالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشركاء دوليين آخرين، ضمن «احترام التزاماتنا وفق نظام منع الانتشار»، مستبقاً تغييرات مهمة يعتزم المؤتمر المقبل للحزب الوطني الحاكم اتخاذها.
ولاحظ مبارك أن أزمة الطاقة دفعت دولاً عديدة أخرى لارتياد طرق بديلة للطاقة النظيفة من خلال توسيع استفادتها من الطاقة الشمسية والرياح، فضلاً عن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في توليد الكهرباء. وأكد أنه رغم ارتفاع إنتاج بلاده من الطاقة بشكل مطّرد، إلّا أن السؤال يظل مطروحاً: «هل تلبي هذه المصادر احتياجاتنا على طريق النمو والتنمية؟ وإن كانت تلبّي هذه الاحتياجات الآن، فماذا عن المستقبل»؟ وأضاف: «علينا مواجهة حقيقة أن البترول والغاز هما مصادر ناضبة للطاقة، كما أن مصر لا تدخل في عداد الدول الغنية بهما، سواء من حيث الإنتاج أو التصدير أو الاحتياطي، لذا علينا أن نعترف بأننا نواجه تحدياً كبيراً في الوفاء باحتياجات الاستهلاك المتزايد وما تفرضه من زيادات مطّردة في مخصصات دعم المواد البترولية».
وقال مبارك إنه اتخذ قراره بعد متابعته لكل الدراسات التي وجه الحكومة لإعدادها في هذا الإطار ولمناقشات المجلس الأعلى للطاقة في هذا الشأن، إضافة إلى الاتصالات العديدة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكان مبارك قد اتخذ قراراً بتوقيف استخدام المفاعلات النووية في توليد الكهرباء بعد حادث انفجار مفاعل تشرنوبيل في الاتحاد السوفياتي السابق خلال شهر نيسان عام 1986، علماً بأن مشروع البرنامج النووي المصري بدأ منتصف الخمسينيات بالتزامن مع برامج مشابهة قامت بها الهند وإسرائيل.
ويقول خبراء في مجال الطاقة النووية إن مصر لا تملك إمكانات إنتاج سلاح نووي في الوقت الحالي نتيجة انضمامها إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية منذ عام 1981. وتحتفظ مصر بمفاعلين بحثيين، قدرة الأوّل 2 ميغاوات، وبدأ العمل به منذ عام 1961، بينما تم التعاقد على الثاني في أيلول عام 1992، ودخل الخدمة في شباط عام 1998، وقدرته 22 ميغاوات.
وتقول مصادر غير رسمية إن إعلان إعادة إحياء البرنامج النووي في هذا التوقيت يأتي محاولة للعب على وتر الرأي العام من طريق طرح قضية كبيرة وذات أهمية قصوى كملف الطاقة النووية، الذي يأتي في إطار إعداد الرئيس المصري لنجله لخلافته، إذ إن مؤتمر الحزب الوطني المزمع عقده بعد أيام سيشهد تغييرات مهمة في هيكلية الحزب تمهد الطريق نحو صعود الفريق الذي يمثله جمال في مواجهة الحرس القديم.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت قبل عام تأييدها خطط القاهرة لتطوير الطاقة النووية السلمية، بعدما طرح جمال مبارك الفكرة، وأيدها والده.