واشنطن ــ محمد سعيد
تبحث قيادة القوّات الأميركيّة في العراق إدخال تعديل على استراتيجيّتها ومهماتها لتتحوّل من ملاحقة عناصر المقاومة العراقية إلى «فرض السلام وحفظه»، فيما يُنتظر أن يقدّم قائد قوّات الاحتلال الجنرال دايفيد بيترايوس والسفير الأميركي لدى بغداد ريان كروكر تقريرهما المنتظر حول تقويم استراتيجيّة الرئيس الأميركي جورج بوش في العراق إلى الكونغرس خلال الأسبوع الجاري، حسبما أكّد المتحدّث الرسمي باسم قوّات الاحتلال الأدميرال مارك فوكس أمس.
وكان الاجتماع الذي عقده بوش في وزارة الدفاع (البنتاغون) الجمعة الماضي مع وزير دفاعه روبرت غيتس ورؤساء أركان أفرع القوّات المسلّحة الأميركية، ولم يشارك فيها بيترايوس، قد تركّز على موضوع العراق واحتمالات تغيير المسار أو الثبات على درب السياسة الحالية في هذا الشأن.
وأشارت مصادر من الكونغرس إلى أنّ الجنرالات، وبينهم رئيس أركان الجيش الأميركي بيتر بايس، أوضحوا لبوش الضغوط المتزايدة على القوّات، ما يمكن أن يتسبّب فى إنهاكها، إلّا أنّهم لا يوصون بانسحاب مبكر من العراق، معربين عن قلقهم من أنّ التركيز على ملاحقة المقاومة العراقية ربّما يشتّت الجيش عن الانتباه إلى الأزمات فى مناطق أخرى من العالم.
وفي بيان أصدره عقب الاجتماع، قال بوش إنّ النقاش دار حول سبل الحفاظ على القدرات القتالية للقوّات على المدى الطويل ومراقبة صحّة القوّات المتطوعة، وطالب أعضاء الكونغرس بأن يتوقفوا عن إطلاق أحكام حول السبل الأفضل للتحرك فى العراق حتى يسمعوا من القيادات الموجودة على الأرض ومن كروكر.
وألمح بوش، فى بيانه، إلى أنّه ربما لا يغيّر سياسته الحالية فى العراق، ذلك أن «المخاطر شديدة» في هذا البلد و«العواقب ستكون وخيمة على أمن البلاد إذا سمح للسياسة بأن تضرّ بالمهمة التي تضطلع بها القوّات». وأعرب عن أمله فى تنحية التحزّب والسياسة جانباً والالتزام برويّة مشتركة تقدّم للقوّات ما تريد من أجل النجاح وتأمين المصالح القومية الأميركية في العراق ومختلف أنحاء العالم.
وكان البيت الأبيض قد لفت إلى أنّ بترايوس وكروكر لن يقدّما تقريراً مكتوباً للكونغرس أو للرئيس، وإنّما سيقوم هو بإعداد التقرير النهائي بناءً على تقويمهما، ثم تنقيحه وتسليمه للكونغرس، وهو أمر يقول محلّلون وخبراء إنّه يعفي بيترايوس وكروكر من أيّ مسؤولية مباشرة حول أيّ معلومات غير صحيحة يتضمّنها تقريرهما.
وقالت مصادر مطّلعة إن بيترايوس قد تلقّى في 15 من الشهر الماضي، تقريراً، من 19 صفحة بعنوان «حلّ الصراع في العراق: استراتيجية بديلة لحفظ السلام»، تضمّن إشارة واضحة إلى انخراط التحالف الشيعي الذي تقوده الحكومة العراقيّة، برئاسة نوري المالكي، في «حرب أهلية على مستوى منخفض».
وقال مسؤولون عسكريّون أميركيون إنّ بيترايوس رحب بالتقويم الجديد، الذي أعدّه محلّل كبير في الاستخبارات الأميركية ومخطط عسكري كبير، والذي يضع شكوكاً حول النهج الأميركي الحالي القائم على أنّ الحكومة العراقية تسعى إلى بناء مجتمع متعدّد الطوائف.
كما لفت التقويم إلى أنّ الزيادة في القوّات الأميركية هذا العام قلّلت من العنف ودفعت بالعديد من مجموعات المقاومة إلى السعي لتحقيق «مصالحة» في الوقت الذي أظهرت فيه حكومة المالكي «حماسةً ضئيلةً»، إضافة إلى أنّ عناصر فيها تدعم، على الأقلّ ضمنياً، العنف المذهبي كوسيلة لتعزيز سلطتها.
ويدعو معدّا التقرير إلى بدء العمل باستراتيجية جديدة لفرض السلام اعتباراً من الشهر الجاري، لأنّ من شأن ذلك «أن يؤكد على توازن الاستهداف» للمقاتلين من جميع المذاهب وحماية السكان من «كلّ التهديدات» بما فيها التي تشكّلها قوات الأمن العراقية التي وصفها التقرير بأنّها «مذهبية وغير موثوقة وهي تحتاج إلى إعادة إصلاحها أو حلّها».