غزة ــ رائد لافيحيفا ــ فراس خطيب

إصابــة 16 بـ«الهلــع» في ســديروت... وأولــمرت يتــوعّد «قــادة» الــفصائل


تكثفت الأنباء أمس عن إعداد قوات الاحتلال الإسرائيلية لاجتياح واسع لقطاع غزة، بالتزامن مع تهديدات أطلقها عدد من المسؤولين الإسرائيليين، في أعقاب إصابة 16 إسرائيلياً أمس بـ«الهلع» جراء صواريخ أطلقتها المقاومة على مدينة سديروت جنوب فلسطين المحتلة.
وكشفت مصادر فلسطينية مطّلعة في رام الله أمس عن تقرير شامل بشأن خطّة عسكرية إسرائيلية موسّعة، سلّمتها الدولة العبرية إلى السلطة الفلسطينية ومصر قبل يومين، في خصوص عملية اجتياح مناطق جنوب قطاع غزة بالكامل، بغية تدمير الأنفاق التي تربط القطاع بمصر، وتُستخدم في تهريب كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة.
وقالت المصادر نفسها، في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية في غزة، إن الدولة العبرية «تنظر بقلق كبير لتزايد وتعاظم قوة حركة حماس منذ سيطرتها المطلقة على القطاع في 14 حزيران الماضي». وأشارت إلى أن إسرائيل تخشى من ترسانة الأسلحة التي بدأت تتزايد في ظل سيطرة حركة «حماس» المطلقة على القطاع، وما تمثّله من تهديد واضح وصريح للأمن الإسرائيلي، وإمكان «تحوّل قطاع غزة إلى جنوب لبنان ثانٍ».
وبحسب المصادر المطّلعة، فإن عملية الاجتياح الإسرائيلية المرتقبة التي سينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسابيع المقبلة في جنوب القطاع، من المقرر أن تمتد من معبر كرم أبو سالم (الواقع عند نقطة التقاء الحدود الثلاثية المشتركة بين غزة ومصر والدولة العبرية)، حتى بوابة صلاح الدين المعروفة إسرائيلياً باسم «محور فيلادلفي»، الفاصلة بين شطري مدينة رفح الفلسطينية والمصرية.
وقالت المصادر إن التقرير الإسرائيلي ركّز على الهدف الأساس من عملية الاجتياح وهو «تدمير الأنفاق التي تُستخدم لتهريب كميات كبيرة من السلاح إلى قطاع غزة»، في وقت أبلغت حكومة الاحتلال قيادة السلطة في رام الله أن جيشها سيستمر في عمليات الاجتياح والتوغل والاغتيال في القطاع، وتحديداً في المناطق القريبة من السياج الحدودي حول القطاع.
وأشارت المصادر إلى أن «الحكومة الإسرائيلية تنتظر رد الحكومة المصرية، في حين تنظر مؤسسة الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله إلى الأمر بقلق كبير».
وتزامن التقرير الفلسطيني مع نشر القناة الإسرائيلية العاشرة تقريراً موسّعاً، عن بناء الجيش الإسرائيلي «مدينة فلسطينية»، للتدريبات في منطقة النقب في الجنوب، استعداداً لاجتياح غزة. وأوضح التقرير، الذي نقل وقائع مصورة من تدريبات الجيش داخل المدينة، أنَّ السؤال المطروح حالياً داخل الجيش الإسرائيلي لا يتمحور حول ما إذا كانت هناك عملية عسكرية واسعة في غزة أم لا، إنما السؤال هو «متى؟»، مضيفاً أن الشعور السائد في الجيش الإسرائيلي هو أنَّ هناك «عملية عسكرية ضخمة على الأبواب».
وتُظهر التدريبات المصورة أن الجيش الإسرائيلي يواجه مشكلة إخلاء المصابين من ميدان المعركة، كتلك التي واجهها أثناء العدوان على لبنان في الصيف الماضي. ويشير معدّ التقرير، محلل الشؤون العسكرية في القناة الإسرائيلية العاشرة، ألون بن دافيد، إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يزال «متخبّطاً» ما بين إتمام المهمة العسكرية، أو التوقف عن إتمامها وإخلاء المصابين من ميدان المعركة.
وتظهر مشكلة أخرى من خلال التدريب، وهي العودة إلى الإخفاقات في عدوان تموز، حيث يدخل جنود إسرائيليون للاختباء من إطلاق النار إلى بيوت سكنية «من دون أن يفهموا أن البيت لا يحميهم من الصواريخ»، حسبما أشار بن دافيد.
ويُدرك الإسرائيليون أن اجتياح غزة لن يكون سهلاً للغاية، وأي عملية عسكرية في غزة لن تكون «السور الواقي رقم 2»، التي نفذها الجيش الإسرائيلي عام 2002 في الضفة الغربية.
وتزامن الحديث عن اجتياح غزة مع إصابة 16 مستوطناً بحالات هلع وخوف إثر سقوط صواريخ فلسطينية محلية الصنع على بلدة سديروت، كان من بينها ثلاثة صواريخ سقطت أثناء توجّه الطلبة إلى مدارسهم، «ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالصدمة»، بحسب متحدث إسرائيلي. وقال سكان البلدة إن المدارس أُخليت من التلاميذ بعد يوم واحد من بدء العام الدراسي الجديد.
وحذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت زعماء المجموعات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة من الاستمرار في إطلاق الصواريخ. وقال، في ختام لقاء مع المستشار النمساوي ألفرد غوزنباور الذي يزور المنطقة، «لن نتردد في ضرب كل من يهدد سكان الجنوب (إسرائيل) أياً كان وأينما وُجد». وأضاف «نرى أن استمرار الاعتداءات أمر خطير لن نسكت عليه. وقد تلقى الجيش تعليمات بالقضاء على كل المتورطين» في إطلاق الصواريخ. وهدّد بضرب «أعلى درجات سلسلة القياديين في التنظيمات المسؤولة عن إطلاق الصواريخ».
وحمّل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز حركة «حماس» مسؤولية إطلاق الصواريخ. وقال، إثر لقائه المستشار النمساوي، «تختبر حماس صبرنا، لكن لصبرنا حدوداً. لا يمكن أن نسمح بأن يعيش أطفالنا في خطر». وذكّر بأن إسرائيل «انسحبت انسحاباً كاملاً من قطاع غزة (صيف عام 2005)». وتساءل: «ما هو الهدف من إطلاق حماس الصواريخ». وأضاف: «لا يوجد إلا جواب واحد: حماس لا تريد دولة فلسطينية، بل تريد أن تهيمن هيمنة دينية راديكالية خطيرة».
وشدّد رئيس لجنة الدفاع والخارجية في الكنيست تساحي هانغبي على أن «استمرار هذه الهجمات يدل على ضرورة شن الجيش الإسرائيلي، عاجلاً أم آجلاً، عملية واسعة في قطاع غزة لوضع حد لها». وقال: «ليست سوى مسألة وقت، لكن لا مفرّ من شن عملية».

استمرار هذه الهجمات يدل على ضرورة شن الجيش الإسرائيلي، عاجلاً أم آجلاً، عملية واسعة في قطاع غزة لوضع حد لها. ليست سوى مسألة وقت، لكن لا مفرّ من شن عملية