strong>وفد من «التوافق» في واشنطن... وتراشق تهم بين المالكي ورئيس «هيئة النزاهة»
اختار الرئيس الأميركي جورج بوش وفريق عمله أمس محافظة الأنبار ذات الغالبية العربية السنية ليحطّ رحاله فيها في زيارة مفاجئة أُحيطت بالسرية الكاملة، إذ لم يُعلَن عنها إلا بعدما وصلت الطائرة التي نقلت الوفد الأميركي إلى القاعدة العسكرية الجوية «الأسد». وأجمع المراقبون على أنّ وراء اختيار المنطقة الغربية في البلاد، لا العاصمة بغداد، رسائل أميركية موجّهة إلى أطراف عديدة، أوّلها رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، مفادها بأنّ عليه بذل المزيد من الجهود لاستقطاب العرب السنة في ائتلافه الحكومي، وخصوصاً أنّ الزيارة الثالثة لبوش إلى العراق، تترافق مع مجموعة من المعطيات «المصيرية» بالنسبة للاحتلال الأميركي وللوضع العراقي العام، أبرزها:
ـــــ تسبق بأيام معدودة موعد تقرير القائد الأعلى للقوات الاميركية في العراق دايفيد بيترايوس والسفير لدى بغداد ريان كروكر إلى الكونغرس لتقويم مدى نجاح الاستراتيجية التي وضعها البيت الأبيض في بلاد الرافدين.
ـــــ تتزامن مع انسحاب آخر جندي بريطاني من القواعد التي أدار منها عملياته في البصرة جنوب البلاد منذ عام 2003 رغم «الامتعاض» الأميركي من قرار لندن.
ـــــ تتزامن الزيارة مع أخرى يقوم بها قادة «جبهة التوافق العراقية»، الممثّل الأكبر للعرب السنة في العملية السياسية، إلى واشنطن بدعوة من الكونغرس.
ـــــ تأتي عشيّة استئناف البرلمان العراقي لجلساته بعد انتهاء إجازته السنوية، وتعليق كل من الادارة الأميركية والحكومة العراقية الآمال بأن ينجح النواب في التصويت بالغالبية المطلوبة على مجموعة من القوانين التي تُعدّ مفتاحاً لنجاح حكومة المالكي في دفع «المصالحة الوطنية» بين الطوائف والأعراق العراقية قدماً، وأبرزها قوانين توزيع عائدات النفط، والتعديل الأخير على قانون «اجتثاث البعث» وقانون الانتخابات المحلية والعفو عن المعتقلين في السجون ... وهي جميعها إجراءات تمّ الاتفاق عليها خلال «القمّة الخماسية» التي جمعت قبل نحو أسبوعين، كلاًّ من الرئيس جلال الطالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي والمالكي، إلى جانب رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني.
ورافق بوش في الزيارة، كل من وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي وعدد من كبار النواب الجمهوريين الذين كان في استقبالهم وزير الدفاع روبرت غيتس، وقائد الجيوش الاميركية الجنرال بيتر بايس، وقائد القوات العسكرية الاميركية في الشرق الاوسط الاميرال ويليام فالون، إلى جانب بيترايوس.
وبعدما أمضى نحو 12 ساعة في الجو، اجتمع بوش بضبّاط جيشه الميدانيين في قاعدة «الأسد» قبل أن يجتمع بكل من الطالباني والمالكي والهاشمي، ومجموعة من شيوخ عشائر الأنبار الذين باتوا يقاتلون الى جانب القوات الحكومية والأميركية ضدّ تنظيم «القاعدة» بعدما كانوا موالين له.
تجدر الإشارة الى أنّ واشنطن ترى أنّ إنجازها الأكبر الذي حقّقته في العراق منذ بدء الاحتلال، هو ما حصل في محافظة الأنبار بالتحديد، وقد فسّر المراقبون اختيار هذه المنطقة من بوش ومرافقيه، للدلالة على الإنجاز الذي تحقّق في هذه المحافظة، وأنها دعوة مبطّنة للمالكي إلى أن يُقدم على مزيد من «التنازلات» ليحظى بدعم العرب السنة من العراقيين، باعتبار أنّ الأنبار رمز للنجاح «المحلّي» المطلوب من المالكي العمل على جعله وطنياً.
وخلال وجود بوش والوفد المرافق له على الأراضي العراقية، جدّد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد دعمه للمالكي، وانتقد مطالبة النواب الأميركيين بتغيير الحكومة العراقية التي وصفها بأنها «شرعية».
وبعد الاجتماع، طمأن بوش العراقيين، إلى أنّ بلاده «لن تتركهم»، ورأى أنّ النجاح سيكون حليف الأميركيين والعراقيين «إذا ما استطعنا تعميم تجربة الأنبار على جميع أنحاء البلاد». كذلك كشف عن أنّ كبار مسؤوليه الميدانيين (مشيراً بالاسم إلى كروكر وبيترايوس) أبلغوه أنه «يمكن الحفاظ على المستوى الحالي للأمن في البلاد، باستخدام قوات أميركية أقل». وأضاف {بعبارة اخرى عندما نبدأ خفض القوات في العراق سيكون ذلك انطلاقاً من مركز قوة ونجاح وليس من منطلق خوف وفشل».
وعلى هامش الزيارة التي دامت نحو ست ساعات، قال هادلي إنّها كانت مقرّرة منذ ستّة أسابيع. وشدّد على أنّها «ليست مناسبة لالتقاط الصور، فالرئيس (جورج) بوش يريد الاستماع من قادته الميدانيين إلى توصيف لحقيقة الأوضاع الأمنية، ويريد خصوصاً الاستماع الى (نوري) المالكي والتحدّث معه في أمور لا يمكن الحديث عنها إلا وجهاً لوجه لأنّ الرئيس يريد قريباً اتّخاذ قرارات مهمّة للغاية».
وقبل لقائه ببوش، قال المالكي إنه يتوقّع أن يتضمّن التقرير المنتظر إشارات ايجابية إلى التقدّم في العراق على الصعد الأمنية والسياسية.
إلى ذلك، غادر بغداد أمس وفد يمثل «جبهة التوافق العراقية» و«جبهة الحوار الوطني»، الكتلتين السنيتين الأكبر في العراق، إلى واشنطن، بدعوة من الكونغرس الاميركي.
وقال الأمين العام لمجلس الحوار، عضو الوفد خلف العليان في تصريح قبيل مغادرته مطار بغداد الدولي، «إن الكونغرس دعا وفداً من «التوافق» والجبهة العراقية للحوار إلى زيارة العاصمة الأميركية، لبحث الوضع الامني في العراق وتداعيات الأزمة السياسية». وأوضح أن الوفد يضم إضافة إليه، رئيس «التوافق» عدنان الدليمي، ورئيس الجبهة العراقية للحوار صالح المطلك. وأكّد أنّ الوفد سيقدّم ورقة عمل الى الكونغرس، تتضمّن رؤاه «في شأن وجود القوات الاميركية في العراق، والتدخل الايراني في البلاد».
أمّا الدليمي، فزار أمس العاصمة المصرية القاهرة، حيث اجتمع بالأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، على أن ينضمّ إلى الوفد العراقي في واشنطن لاحقاً.
وشهد يوم أمس نقاشاًَ حامياً بين المالكي من جهة، ورئيس «هيئة النزاهة» المكلّفة بمتابعة قضايا الفساد وكشف التلاعب المالي في المؤسسات الحكومية القاضي راضي الراضي من جهة ثانية. وكشف رئيس الحكومة عن أنّ الراضي هرب إلى الولايات المتحدة على خلفية تورّطه في ملفات فساد.
ولم يتأخّر ردّ الراضي الذي قال، خلال اتصال هاتفي مع الوكالة المستقلة للأنباء (أصوات العراق) من واشنطن أمس، إنه «صُدم لتصريحات رئيس الوزراء المؤسفة»، موضحاً أنه سيعود خلال الشهر الجاري إلى العراق لممارسة مهمات عمله.
(الأخبار، أ ب، يو بي آي،
أ ف ب، رويترز، د ب أ)