يراقب رجال من النوافذ بينما يحرس آخرون الشارع، في محاولة لتأمين اجتماع أعضاء من «فتح» يُعقد سرّاً في منزل زميل لهم في غزة لمناقشة مصير الحركة بعدما سيطرت «حماس» على القطاع.وبعيداً عن قاعدة سلطتهم في الضفة الغربية، يشعر عناصر «فتح» وكأنهم أعضاء جماعة معارضة سرية. ومن بين الرجال العشرة، الذين اجتمعوا الأسبوع الماضي، قالت الغالبية إن «حماس» اعتقلتهم هذا الصيف. ثلاثة أكدوا أنهم تعرضوا بالفعل للتعذيب. لم يكشف عن هوية أي منهم.
وهناك علامات، بينها مظاهر التحدي العلنية في الأسبوعين الماضيين، تشير إلى أن «فتح» تعيد تجميع نفسها لتحدي الوضع الجديد القائم في غزة. وهو تحدٍّ يقول زعماء «حماس» إنهم سيقاومونه اذا لجأت «فتح» الى القوة.
ورغم أن الحديث في الاجتماع السري تناول النكسات التي منيت بها «فتح»، فإن زعماء الحركة يتحدثون علانية عن العودة. وقال عادل النجار، وهو من خان يونس، إن «فتح ستنهض ثانية وأقوى من ذي قبل»، مشدّداً على أن «فتح ولدت لتبقى ولتنتصر».
وقال النجار، الذي أشار الى نفسه علانية، إنه كان بين نحو 100 عضو من «فتح» اعتقلتهم «حماس» منذ أن سيطرت على غزة. وأضاف إن «فتح أصبحت بشكل واقعي تنظيماً محظوراً»، مشيراً إلى أنه «ممنوع أن ترفع راية فتح وممنوع أن تسمع أناشيد وطنية».
إلا أن أعلام فتح باللون الأصفر أصبحت تشاهد بدرجة متزايدة في غزة، بما في ذلك في اجتماعات الصلاة التي أقيمت في الهواء الطلق يومي الجمعة الماضيين.
وقال مسؤول آخر في «فتح»، هو حازم ابو شنب، إن الحركة «ليست لديها النية لأن تعمل في السر في غزة أو أن تستخدم القوة». وأضاف «نحن نعمل فوق السطح وبشكل علني، ونحن فخورون جداً بأننا ننتمي إلى فتح».
وتقع أعمال عنف من وقت إلى آخر منذ حزيران تشمل مشاحنات وإطلاق رصاص وانفجارات تستهدف ممتلكات. لكن أكبر تحدّ ملحوظ من جانب «فتح»، كان الصلاة وحفلات الزفاف في أماكن مفتوحة. وقال ابو شنب إن «هذا النوع من حفلات الزفاف هو ساحة لإظهار أن حركة فتح لا تزال موجودة في قطاع غزة».
ويتبادل الفصيلان التهم بالتعذيب والحرمان من النوم والضرب في سجون غزة والضفة الغربية. وقال مسؤول أمن في «فتح» في غزة، طلب عدم نشر اسمه، «لقد ضربوني لمدة طويلة حتى كدت أفقد النفس». وأضاف «هم يهدفون إلى إذلال فتح لكسر إراداتنا ونفسياتنا».
وفي الضفة الغربية، تقول «حماس» إنه تم اعتقال نحو 500 من عناصرها. وقال أحد هؤلاء إنه اعتُقل لمدة 34 يوماً، وهدده سجّانوه بإلقائه عن السطح. وأوضح الرجل، البالغ من العمر 30 عاماً وطلب عدم نشر اسمه، «لقد ذقت تعذيباً لا يصدق ورأيت الموت مرات عديدة».
وربما كان أفضل إيضاح لصعود «فتح» البطيء مرة أخرى في غزة هو الشهرة المتنامية لأحد زعماء الحركة، سميح المدهون، الذي قتل خلال المعارك الداخلية. ويقول أصحاب متاجر إنه إضافةً إلى إعلام حركة «فتح»، فإن اللافتات التي تُظهر سميح المدهون تحقّق مبيعات كبيرة. ويتم تشغيل الأغاني التي تشيد به وتصفه بأنه «زلزال» في المنازل والسيارات.
(رويترز)