البصرة ــ الأخبار
«السؤال عن الجار قبل الدار»، مثَلٌ شائع بين العراقيين. إلا أن جيران القصور الرئاسية في منطقة البصرة، لم يتمكّنوا من تطبيقه عندما وجدوا أنفسهم فجأة في «جيرة قصرية» للقوات البريطانية.
«القصور الرئاسية» تقع في منطقة البراضعية جنوبي البصرة، وهي من المناطق الراقية في المحافظة، على الجهة الغربية من شط العرب، وغالبية سكانها من العائلات البصرية القديمة والتجار والاطباء والميسورين وغيرهم من شرائح المجتمع.
في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً عام 1987، قرّر النظام السابق بناء القصور الرئاسية لتكون مقرّاً شتوياً للحكومة، أو منتجعاً لاستقبال الشخصيات الحكومية والرسمية التي تزور العراق. انتهى العمل في بناء مجمع القصور عام 1991، على مساحة 4 كيلومترات مربّعة وبطول كيلومترين، في موازاة شط العرب. ويحتوي المجمّع على خمسة قصور فخمة شيّدت على طراز العمارة الإسلامية.
وكانت القصور الرئاسية، التي تمركزت فيها قوات الاحتلال، تتعرّض لهجمات متكررة بالصواريخ وقذائف الهاون من مسلحين، وفي أحيان أخرى تتعرّض إلى هجمات مباشرة بالاسلحة الخفيفة مع القوات البريطانية.
وفي كثير من الأحيان كانت القذائف تخطئ أهدافها لتصيب الدور السكنية وتسفر عن خسائر في الارواح والممتلكات. ويقول المواطن حامد عبد الصمد، احد جيران القصور، «كنا نعيش في كابوس دائم ونتوقع سقوط القذائف على رؤوسنا في كل لحظة، حيث نتجمّع ليلاً في غرفة في الطابق الارضي في إجراء احترازي، هذا فضلاً عن تعرض الدوريات البريطانية التي تسلك الطريق إلى القصور لعبوات ناسفة أو هجمات مسلحين، فتكون الخطورة على الاطفال كبيرة جداً».
وتقول أم محمد «تركنا المنزل بعدما اشتد القصف اليومي على القصور، وبعدما سقط احد الصواريخ بالقرب من المنزل، وقد استأجرنا منزلاً في إحدى المناطق الشعبية في البصرة وتركنا منزلنا فارغاً لحين خروجهم».
أما المحامي علي حسّون فيقول «تعرّض منزلي إلى أضرار كبيرة بسبب سقوط صاروخ عليه، فتركته، وعدت اليه الآن لإصلاحه، ولم احصل على تعويض من أي جهة».
وفي مستشفى الصدر التعليمي، الواقع قرب مجمّع القصور، يشير أحد الأطباء إلى «أن المستشفى يستقبل باستمرار الجرحى من المدنيين من سكان المنازل القريبة من القصور بعد كل هجوم، ووقع الكثير من القتلى من جراء القصف، ولم تتوافر لدينا احصائية مستقلة عن قتلى وجرحى القصف بشكل خاص».
وهناك شريحة أخرى استفادت أيضاً من جلاء القوات البريطانية عن القصور، وهم الصيادون في شط العرب. ويقول صادق عبد النبي «لقد عانينا الكثير من وجود البريطانيين في القصور، لأنهم منعونا من الاقتراب مسافة كيلومترين من تلك القصور، بالرغم من وجود الصيد الوفير في المنطقة، وكنا اذا اقتربنا نتعرض لنيران القناصة ولا نستطيع التفاهم معهم».
وقال الصياد علي غضبان «تعرض بعض الصيادين الى نيران الجنود البريطانيين وجرح العديد منهم بسبب عدم علمهم بأن المنطقة محظورة».