طهران ـــ طارق ترشيشي
استبدال صفوي بجعفري «رسالة» أرادها خامنئي «للداخل والخارج»


ليس هناك شيء في سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية اسمه المصادفة، أو الفجائية، وخصوصاً لدى المرشد علي خامنئي، بحسب مسؤول إيراني يؤكد أن «تداول السلطة في مختلف المواقع القيادية أمر حيوي وضروري، لذا فإنه لا يبقيعلى أي مسؤول في أي موقع أكثر من عشر سنوات حداً أقصى، وكل من يتم تغييره يضمه إلى فريق معاونيه مكافأةً له، وخصوصاً إذا كان ممن حقّقوا نجاحات في نطاق عملهم».
لكنّ تغيير قائد الحرس الثوري الإيراني (الباسدران) اللواء يحيى رحيم صفوي الأسبوع الماضي وتعيينه مستشاراً في فريق «السيد القائد»، وتعيين اللواء محمد علي جعفري مكانه انطوى على كثير من المعاني السياسية بوجهيها الداخلي والخارجي، لكونه يأتي على أثر إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش نيته وضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب وتصنيفه «منظمة إرهابية».
يقول المسؤول الإيراني نفسه إن هذا التبديل يُعد «رسالة قوية إلى القيادة الإيرانية التي شعرت بأن التعرض للحرب، يعني المسّ بركن أساسي من أركان حماية النظام وديمومته، لأن هذه المؤسسة تعدّ الأمينة على الثورة ومكتسباتها، قبل الجيش، لذا بادر خامنئي إلى اختبار اللواء جعفري قائداً لباسدران، لمعرفته المسبّقة بميزاته وقدرته على النهوض بهذه المؤسسة التي تحتاج إلى إخراجها من صراع الأجنحة الإيرانية وإعادتها إلى سيرتها الأولى وهي حماية الثورة ومكتسباتها ونظامها في مواجهة أي خطر يتهدّدها»، مشيراً إلى أن «هذه المؤسسة تحتاج إلى تفعيل وتطوير في الأداء أو في مجال علاقاتها بكل مواقع السلطة وبأطراف اللعبة السياسية».
لكن، عندما يُعرف من هو جعفري، يبرز جلياً هدف المرشد من تعيينه، وهو توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها، بحسب المسؤول نفسه، «أن وضع حراس الثورة على لائحة الإرهاب لن يقدم أو يؤخر في شيء، ولن يضعف موقف إيران في مواجهة التهديدات الأميركية».
ويوضح المصدر نفسه أن جعفري «كان من أوائل الإيرانيين الذين احتلوا السفارة الأميركية في طهران أيام الثورة، وتولّى لسنوات منصب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، الذي تدخُل في صلاحياته واهتماماته شؤون فلسطين والعراق ولبنان وسوريا وغيرها، وهو على اطّلاع واسع في هذا الصدد على شؤون العراق وما يدور حوله من مفاوضات إيرانية ـــــ أميركية».
وقبل تعيينه قائداً لـ«الحرس»، كان جعفري، بحسب المصدر نفسه، يشغل منصب قائد العمليات الميدانية فيه منذ 13 عاماً، «وهو يتمتع بتأييد القواعد انطلاقاً من عمله الميداني معها، وهذا ما سيمكّنه من النهوض بهذه المؤسسة التي تمثّل العمود الفقري للنظام، بحيث يعزز صفوفها ويوحّد ولاءها الموزّع حالياً بين المحافظين والإصلاحيين والمعتدلين، بما يمكّنها من مواجهة كل الاحتمالات المستقبلية».
ويقول المسؤول الإيراني إن جعفري قادر على أن «ينهض بهذه المؤسسة ويعدّها لاحتمال المواجهة وحماية الداخل الإيراني من أي محاولة اختراق يمكن أن تحصل في حال توجيه أي ضربة عسكرية أميركية لإيران، كذلك يستطيع انطلاقاً من علاقته المباشرة مع كل قادة الحرس وعناصره، التي راكمها على مدى 13 عاماً من العمل الميداني معهم، أن يعيد إلى هذه المؤسسة بريقها وحيويتها، ويؤهّلها لمواجهة كل الاحتمالات، سواء في العراق أو غيره في حالتي الحرب والسلام».