strong>المالكي يشيد بـ«إنجازات» حكومته... وطهران مستعدّة لجولة رابعة من الحوار مع واشنطن
لم يبدُ بوضوح ما هي الغاية الرئيسية التي عُقد من أجلها مؤتمر بغداد لدول الجوار العراقي أمس؛ غير أنّ الأكيد هو أنّ التحديد السريع لموعد اللقاء جاء بهدف استباق بدء جلسات الاستماع لكلّ من السفير الأميركي لدى بغداد ريان كروكر وقائد قوات الاحتلال دايفيد بيترايوس أمام الكونغرس اليوم، وبناءً على رغبة الحكومة العراقية تقديم صورة مشرقة لنجاحاتها في الميادين الأمنية والسياسية، وهو ما ظهر جلياً في كلمتي رئيس الحكومة نوري المالكي ووزير خارجيته هوشيار زيباري.
ورغم أنّ المؤتمر كان مقرراً على مستوى وزراء الخارجية وبحضور وفود تمثّل 22 دولة ومنظمة دولية وإقليمية، إلا أن أيّاً من وزراء الخارجية لم يحضر الاجتماع الذي هو الثالث من نوعه بعد اجتماعي آذار الماضي في بغداد، وشرم الشيخ في أيار.
وبرزت مشاركة نائب وزير خارجية كل من سوريا وإيران، بينما اقتصرت مشاركة الدول الأخرى على ممثّلي الوزراء. وبسبب وجود كروكر في واشنطن تحضيراً للإدلاء اليوم بأولى شهاداته إلى جانب بيترايوس أمام الكونغرس، فإن الولايات المتحدة تمثّلت بنائبة ممثّل بعثتها لدى بغداد باتريسيا بوتانيس.
وظهر من خلال كلمتي المالكي وزيباري، كأنّ هناك تبادل أدوار بين الرجلين؛ ففي حين ركّزت كلمة الأول على «إنجازات حكومته على كلّ المستويات»، وكأنه يوجّه رسالة إلى الأميركيين المطالبين باستبداله عشية تقرير كروكر ـــــ بيترايوس، فإنّ كلمة وزير الخارجية وُصفت بأنها «أكثر هجوميّة» ضدّ دول الجوار التي دعاها إلى إحكام السيطرة على حدودها المشتركة مع العراق، ملوّحاً بأنّ خطراً كبيراً سيتهدّدها إذا لم تمنع وفود «الإرهابيين» إلى العراق.
وفي كلمته الافتتاحية أمام الدبلوماسيين في مقرّ وزارة الخارجية العراقية، قال المالكي إن حكومته «حقّقت إنجازات عظيمة في مختلف الميادين الأمنية والسياسية والاقتصادية منها»، وذكّر بأنّ «أبرز ما تضمّنه الدستور هو العمل على تثبيت حسن الجوار ومنع التدخل في الشؤون الداخلية واعتماد الحوار أسلوباً لحلّ المشكلات ومواجهة التحديات المشتركة».
وشدد المالكي على أن حكومته عازمة على جعل بلاده نقطة التقاء بين الأصدقاء وخصومهم، في إشارة إلى الولايات المتحدة وإيران.
أما زيباري فدعا من جهته دول الجوار إلى بذل مزيد من الجهود لإعادة الأمن والاستقرار إلى العراق، وإلى تشكيل أمانة عامة لمؤتمر دول الجوار لمتابعة قراراته وتوصياته والتنسيق بين الدول والمنظمات المشاركة فيه.
وطالب زيباري هذه الدول باتخاذ إجراءات تنسجم وتصريحاتها المعلنة، محذراً من أنّ مصالحها «الآنية» قد تولّد «كوارث»، لا على العراق فحسب بل والمنطقة بشكل عام.
ولفت إلى أن بلاده تنتظر من المؤتمر الحالي أن يقوم «بإجراء مناقشات حول الاجتماع الموسع المقبل لوزراء خارجية الدول المجاورة للعراق والمزمع عقده في اسطنبول».
وقال إن «الحريق الذي يشعله الإرهابيون الذين يدخلون العراق من بلاد الجوار مرشّح للامتداد إلى خارج الحدود، ما يعني تعرض هذه البلدان إلى مخاطره». وقال زيباري، في نهاية المؤتمر، إن «الكثير من البلدان يقولون إنهم يدعمون استقرار العراق وأمنه، لكنهم في الوقت نفسه يتدخّلون بطرق مختلفة في شؤون البلاد الداخلية»، مشيراً إلى القصف الإيراني على قرى في إقليم كردستان العراق. ولفت إلى أن «التدخلات الإقليمية لا ننكرها ونذكرها علناً، لكننا نريد أن نعالجها بطريقة ودية».
وعقد الاجتماع في بغداد وسط إجراءات أمنية مشدّدة أدّت إلى منع وصول النواب العراقيين إلى البرلمان، ما أوجب إلغاء جلسة الأمس.
وهنّأت السفارة الأميركية لدى بغداد، في بيان، الحكومة العراقية على مبادرة عقد مؤتمر بغداد الثاني، وقالت «إن التقدم المحرز في هذا المؤتمر يجاري المكاسب السياسية الداخلية».
وبعد الاجتماع، لاحظ نائب وزير الخارجية الإيرانية، محمد رضا باقري، أن الظروف الأمنية في العاصمة بغداد «أفضل بكثير من الفترة التي عُقد فيها المؤتمر الأول في آذار الماضي». وقال إن بلاده ستواصل دعم العراق لأسباب «إنسانية»، مشيراً إلى أنّ وقف العنف يتطلّب تعاوناً بين حكومات جميع دول المنطقة. ولفت إلى أنه إذا عاود العراقيون طلب اللقاء مع الأميركيين، فـ«سنجلس مجدّداً مع أعدائنا (الأميركيين) على طاولة واحدة».
في المقابل، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي الحسيني إنّ بلاده لم تقرّر بعد ما إذا كانت ستواصل اجتماعاتها مع الجانب الأميركي حول العراق.
وفي السياق، اتّهم رئيس مجلس خبراء القيادة الإيراني علي أكبر هاشمي رفسنجاني الولايات المتحدة بالسعي إلى إضعاف الشيعة في العراق. ونقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية شبه الرسمية عن رفسنجاني قوله إن «المحتلين يسعون إلى إضعاف دور الشيعة في العراق»، لكنه رأى أنهم «سيفشلون في النهاية».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)