بغداد ـ الأخبار
انعكس الانقسام العراقي، السياسي والعرقي والطائفي، على ردود الفعل التي صدرت تعليقاً على ما نُشر أول من أمس من مضمون التقرير الذي قدّم أجزاء منه قائد قوات الاحتلال الأميركي في العراق دايفيد بيترايوس والسفير الاميركي لدى بغداد ريان كروكر خلال شهادتيهما أمام الكونغرس في اليومين الماضيين.
وكما كان متوقّعاً، سارعت الحكومة العراقية والأحزاب والكتل الموالية لها إلى الاشادة بالتقرير، خصوصاً بما وصفته «دعماً لحكومة نوري المالكي»، بينما انتقدته المعارضة بشدّة، لأنها رأت فيه إشارات لا تعبّر عن الواقع العراقي الحقيقي.
وفي هذا السياق، برز موقف لرئيس «جبهة التوافق العراقية» عدنان الدليمي يمكن وصفه بأنه «مفاجئ»، لأنه رحّب بمضمون التقرير بعكس ما فعله عدد من نواب كتلته. وقال مستشار الامن القومي العراقي موفّق الربيعي، في مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس، «ترحّب الحكومة العراقية بالتقرير المقدّم وإننا نقدم شكرنا لكلّ أصدقائنا خصوصاً لالتزامهم بمساعدتنا في تحقيق الديموقراطية في العراق بالرغم من كل الصعوبات والتحديات».
ولخّصت رسالة الحكومة ثلاثة أبعاد هي السياسي والاقتصادي والامني.
وقال الربيعي في عرض البعد السياسي «لا بدّ ان نعترف ان ديموقراطيتنا يافعة لذلك فإنّنا نجاهد من أجل الوصول الى توافق وطني ولا بدّ من أن نعترف بأن الثقة بين المكوّنات لا تزال مفقودة وتحاول قوى الارهاب والتطرف استثمار ذلك وإعاقة أية محاولة لبناء الثقة».
وأضاف أنّ الحكومة العراقية «قامت بخطوات جادّة وعملية في طريق تحقيق المصالحة وإعادة النظر في قانون «اجتثاث البعث»، وإنها حريصة على إنجاز كل التشريعات اللازمة من اجل بناء الاسس لدولة المؤسسات».
وعلّق في عرض البعد الاقتصادي بالقول إن «الاقتصاد العراقي بدأ بالنهوض وتجاوز كبوته بعد عقود من الاهمال وجهود إعادة الاعمار والبناء بدت ملامحها واضحة للعيان».
وقال في عرضه للبعد الأمني «إن هدف الحكومة العراقية هو استلام المسؤولية الامنية في كل المحافظات عندما تتحق والشروط الموضوعية ومنها اكتمال جاهزية قواتنا المسلحة وتنامي قدراتها من حيث التجهيز والتدريب».
وفي السياق، أشار الربيعي الى «أن قدرات الجيش العراقي وصلت الى 80 في المئة من الجهوزية»، متوقّعاً أن «تتقلّص في المدى القريب حاجتنا لقوات التحالف في العمليات الميدانية».
وعلى عكس الترحيب الحكومي بحصيلة التقرير، انتقدته أحزاب وكتل برلمانية معارضة في مقدمتها «القائمة العراقية الموحّدة» التي يرأسها إياد علاوي و«جبهة الحوار الوطني العراقي» وكتلة «حزب الفضيلة» و«الكتلة الصدرية».
أمّا أحزاب الائتلاف فعبّرت، كما كان متوقّعاً، عن تأييدها لما جاء فيه خصوصاً في دعمه لحكومة نوري المالكي. أمّا البارز، فكان الرضى الذي ناله التقرير من قبل الدليمي، الذي قال «إن التقرير كان واقعياً ويجسّد الأوضاع في العراق». وأضاف «نأمل أن يستجيب الكونغرس لبعض الامور التي تضمّنها التقرير، وخاصة ما يتعلق بمسألة وجود القوات الاميركية في العراق وضرورة أن يكون هناك جدول زمني لخروجها، يتزامن مع بناء القوات العراقية على أساس مهني». كما أشار الدليمي الى «أن التقرير أكّد ضرورة أن تكون هناك مصالحة وطنية، لذا نحن نأمل من الحكومة ان تستجيب، وأن تكون هناك مصالحة وطنية حقيقة قادرة على بناء هذا البلد». وفي السياق، قال النائب عن «الحزب الاسلامي العراقي» إياد السامرائي إن «التقرير أشار إلى بداية أميركية لمحاولات التعامل مع جميع الطوائف العراقية بشكل متوازن خصوصاً في ما يتعلق بتولي قوات الامن العراقية مسؤولياتها الامنية».
أمّا عضو مجلس النواب عن «الجبهة العراقية للحوار» محمد الدايني فوصف التقرير بأنه «كذبة كبيرة».
وبدوره، اعتبر النائب عن «الكتلة الصدرية» نصير العيساوي التقرير بأنه «محاولة لتحقيق الاهداف الاميركية في العراق، ولا علاقة له بمصالح الشعب العراقي». وذكر بأنّ مضمونه «كشف الوضع الكارثي الذي تمرّ به القوات، وأنهم يحاولون إيجاد بدائل أو استراتيجيات أخرى للخروج من هذا الواقع الفاشل».
وقال النائب عن «القائمة الوطنية العراقية» أسامة النجيفي «إن التقرير لم يكن وافياً وكان موجّهاً الى الكونغرس أكثر ممّا هو للعراقيين، وأعطى رسالة تفيد بأن أميركا مستمرة بسياستها القديمة في تبنّي حكومة المالكي الفاشلة».