جدة، القاهرة، واشنطن ــ الأخبار
القـــاهرة تنتـــظر زيـــارة رايـــس للـــمنطقة لتـــحديد موقفهـــا من المشـــاركة فـــيه

استبعد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمس مشاركة بلاده في المؤتمر الدولي للسلام المقرر عقده في تشرين الثاني المقبل، واشترط أن يكون «شاملاً»، وأن يتطرق إلى «القضايا الأساسية»، في خطوة أعلنت القاهرة «تفهمها» لها، مشكّكة بنجاح اللقاء الدولي.
وقال الفيصل، خلال مؤتمر صحافي في جدة، إن مؤتمر السلام «سيكون عديم الجدوى إذا لم يعالج القضايا الرئيسية، ومن بينها القدس والحدود وقضية اللاجئين الفلسطينيين والقضايا الأخرى التي وردت بوضوح في مبادرة السلام العربية». وأضاف أنه من دون جدول زمني ستدخل الأطراف في مفاوضات لا نهاية لها. وطالب بأن تكون المسؤولية متبادلة، وألا تقع على عاتق جانب واحد وأن تثبت إسرائيل جديتها من خلال اتخاذ إجراء على الأرض.
واستبعد الوزير السعودي مشاركة المملكة في مؤتمر السلام، لكنه لمّح إلى أنها ستبحث في الانضمام إلى اجتماع يهدف إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي على نحو تام. وقال إن «المملكة لا ترى فائدة في أي اجتماع ليس شاملاً ولا يعالج القضايا الرئيسية». وأضاف أنه «إذا لم يلتزم الاجتماع بهذه المعايير فإنه يشك في مشاركة المملكة».
ودعا الفيصل إسرائيل إلى ضرورة أن «تثبت جديتها على الأرض في عملية السلام وعدم اتخاذها أية إجراءات لتعطيل المؤتمر». وقال: «من الضروري أن تثبت إسرائيل من طريق العمل الجاد في إزالة المستعمرات والسماح لتحسين أوضاع الفلسطينيين، إذا لم تفعل ذلك فلن يكون هناك فائدة من هذا المؤتمر».
ونفى الفيصل أن يكون هناك توجه لعقد لقاء «مكة 2»، بين الفصائل الفلسطينية. وقال إن «الملك عبد الله حث الفلسطينيين على ضرورة تنفيذ ما اتفقوا عليه في اتفاق مكة».
ولم يعلّق الوزير السعودي على نبأ إلغاء زيارة كانت مقررة لوزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى السعودية، واكتفى بالقول إن «الزيارات بين الدول العربية ليست مستنكرة، ونأمل أنه إذا تمت الزيارة، فسيكون لها أثرها لتقريب وجهات النظر حول مجمل القضايا العربية».
وفي الشأن العراقي، شدّد الفيصل على أن السعودية تقف على المسافة نفسها من «الأشقاء في العراق». ودعا القيادة العراقية إلى ضرورة «المساواة بين أطراف الشعب وأن يكون الوضع العراقي مستقراً ليتمكّن من بناء نفسه والقيام على أقدامه للحفاظ على وحدة أراضيه». وقال: «قبل حدوث المصالحة، سيكون من الصعب الوصول إلى هذه الغايات والجهد الذي يبذل يعتمد على العراقيين أنفسهم».
وفي تعليق من القاهرة على إعلان الفيصل نية السعودية عدم حضور مؤتمر السلام، قال مسؤول مصري مطّلع إن بلاده لم تتخذ قراراً نهائياً في المشاركة، مشيراً إلى أن القاهرة تتفهم دوافع الموقف السعودي.
وقال المسؤول، لـ«الأخبار»، إن لدى القاهرة «مخاوف من ألا يؤدي المؤتمر إلى تحقيق شيء ذي جدوى بالنسبة إلى عملية السلام»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري حسني مبارك حذّر من ردة فعل سلبية قد تتعرض لها المنطقة في حال إخفاقه. وأوضح أن ثمة مآخذ مصرية على المؤتمر تتلخص في عدم وجود جدول أعمال محدد، بالإضافة إلى عدم تحديد الأطراف التي ستشارك فيه.
وشدّد المسؤول نفسه، الذي طلب عدم تعريفه، على أن «المنطقة ليست في حاجة إلى مؤتمرات للعلاقات العامة أو منتديات كلامية تمنح إسرائيل الإيحاء بتحسن علاقتها مع العالم العربي». وأضاف أنه «لا إشارات إلى تفهم الولايات المتحدة والرئيس الأميركي للمخاوف المصرية والعربية في هذا الإطار». وكشف عن أن القاهرة تنتظر نتائج الزيارة المرتقبة التي ستقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى المنطقة قبل أن تعلن موقفها النهائي من حضور المؤتمر أو التغيب عنه. وفي واشنطن، شكك مسؤولون عرب بقوة في أن يؤدي الاجتماع الدولي إلى نتائج ملموسة. وأشاروا إلى أن البيت الأبيض «لم يجر حتى الآن أي اتصالات بحكومات المنطقة حول الاستعدادات ومستوى التمثيل المطلوب وجدول أعمال المؤتمر».
وأشارت مصادر دبلوماسية عربية إلى أن «الحكومتين الأميركية والإسرائيلية كانتا تضعان في جدول أولوياتهما للاجتماع الدولي ضمان مشاركة السعودية، وهو أمر يبدو أنه بات بعيد التحقق».