توقّع مستشار الأمن القومي العراقي موفّق الربيعي أمس أن يتمّ خفض عدد قوات الاحتلال في بلاده تدريجياً ليصل ألى أقل من 100 ألف جندي بحلول منتصف العام المقبل، لكنّه رأى في الوقت نفسه أنه «ما من شخص عاقل يستطيع أن يأخذ قراراً بانسحاب أميركي سريع لأنّ ذلك قد يضرّ بالوضع الأمني في البلاد». في هذا الوقت، شهدت شمال غرب العاصمة بغداد أمس مسيرة تجسّد وحدة وطنية عراقية يفتقدها العراق الغارق في المجازر الطائفية، إذ شارك المئات من العراقيين من المذهبين الشيعي والسني، في تظاهرة احتجاجاً على بناء قوات الاحتلال لجدار اسمنتي يعزل منطقة الشعلة الشيعية عن حي الغزالية السنّي، معتبرين أنّ هذه الخطوة «تكريس للطائفية» في بلادهم.
وقال الربيعي، في مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس، للإجابة عن الأسئلة حول ترحيب الحكومة العراقية بتقرير كروكر ـــــ بيترايوس في شأن التطوّر الحاصل في بلاده، «لا نبتعد عن الحقيقية إذا قلنا إن القوات المتعددة الجنسية سيصل عددها في نهاية العام المقبل الى أقل من 100 الف جندي، ويمكننا خفض هذ العدد الى أقل من 90 الف في 2009، وهذا يعتمد على الظروف الأمنية والتهديدات الداخلية والإقليمية التي يتعرض لها البلد، وعلى مدى جاهزية وعدّة وتدريب القوات المسلّحة العراقية».
وفي ردّ مبطّن على المخاوف التي أثارها النواب الأميركيين من أن تنقلب عناصر العشائر، وخصوصاً في محافظة الأنبار، على الحكومة العراقية والجيش الأميركي، استبعد الربيعي أن يقوم هؤلاء باختراق القوات الأمنية لمصلحة المتطرّفين. وقال «إن الذي يحارب القاعدة هو أكبر ضمان على إخلاصه وعراقيته ورغبته في العودة الى الصف الوطني كما فعل أهالي الأنبار وديالى والموصل».
وكان قائد قوات الاحتلال الجنرال ديفيد بيترايوس قد أعلن خلال جلسة الاستماع أمام الكونغرس قبل يومين أنه سيكون بالإمكان خفض مستوى قوات بلاده في العراق بحلول الصيف المقبل إلى المستوى الذي كانت عليه قبل زيادة حجمها في الأشهر الأخيرة، أي نحو 130 ألف جندي.
وفي ردّ على سؤال عمّا اذا كانت الحكومة العراقية تتفق مع التقرير في وصف ايران بأنها الدولة الأخطر على أمن العراق من خلال قيامها بتزويد الميليشيات الشيعية بالأسلحة وتدريبها، قال الربيعي «إنّ دول الجوار، وبالخصوص سوريا وايران، تعرف ما عليها أن تفعله في شأن الوضع (الأمني) في العراق»، موضحاً أن حكومته حصلت من خلال المفاوضات مع هاتين الدولتين، على وعود بالعمل على حفظ الحدود المشتركة.
وأكّد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في مقابلة مع التلفزيون الكندي أُذيعت أول من أمس، أن متشدّدي تنظيم «القاعدة» في العراق «ضعفوا ولم تعد لديهم المعاقل التي يحتاجون إليها لتخطيط وتنفيذ الهجمات».
وبرز يوم أمس اختراق في الأزمة الحكومية في العراق، مع الإعلان عن عودة مفاجئة لوزير التخطيط علي بابان، المنتمي الى «جبهة التوافق العراقية»، لممارسة عمله رغم القرار الذي اتّخذته الجبهة قبل أكثر من شهرين بالانسحاب من الحكومة. واستوجبت هذه العودة استنفار قادة الجبهة التي قال المتحدّث باسمها سليم عبد الله أنها «ستعقد اجتماعاً استثنائياً قريباً لمناقشة العودة المفاجئة لبابان».
وفي التظاهرة التي تمّ تنظيمها بين مدينتي الشعلة والغزالية، والتي شارك فيها زعماء عشائر ورجال دين وأهالي المنطقتين، وسط إجراءات أمنية مشدّدة، رفع المتظاهرون لافتات كُتبت باللغتين العربية والإنكليزية «كلّا للجدار العازل» وأخرى «الجدار العازل إرهاب أميركي».
وطالب المتظاهرون، في بيان وُزِّع خلال التظاهرة، الحكومة العراقية بـ «التدخل لوقف بناء الجدار فوراً ورفع ما تمّ بناؤه و«لا لا للإرهاب» و«نعم نعم للوحدة»، مؤكّدين أنّ «الجدار يلبّي مخططات (تنظيم) القاعدة»، كما أشار إلى أن الجدار «بُني ليفصل بين العائلة العراقية الواحدة».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز، د ب أ)