برأت يوم أمس محكمة في اسطنبول أكثر من مئتي ضابط حوكموا عام 2003 بتهمة التآمر لإسقاط الحكومة الإسلامية برئاسة رجب طيب اردوغان، الذي سعى حينها إلى استباق أي محاولة انقلابية للجيش، حامي الإرث العلماني للجمهورية التركية، بل وحرمانه نفوذه السياسي.كانت المحاكمة الأولى في أيلول2012، وشملت 236 شخصاً، قد انتهت بأحكام صارمة بالسجن على بعض أصحاب الرتب العالية في الجيش التركي، حيث حُكم على «العقل المدبر» المفترض للمؤامرة الجنرال شتين دوغان بالسجن عشرين عاماً، وسط انتقادات شككت في حياد القضاة المكلفين المحاكمة وصحة الأدلة المستخدمة ضد المتهمين.

في كانون الأول 2013، أثار اردوغان مفاجأة عندما طلب مراجعة المحاكمات في قضيتي «بيلوز» و»ارغينيكون»، باسم المؤامرة الثانية المفترضة ضد نظامه. وأتى هذا التغير في الموقف فيما كانت الحكومة متورطة في فضيحة فساد وتتهم حلفاءها السابقين في حركة الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة، بالوقوف وراءها. وطبقاً لتوصيات النيابة العامة، أمرت المحكمة الدستورية في حزيران 2014 بالإفراج عن كل المعتقلين في إطار هذه القضية وبدء محاكمة جديدة، باعتبار أن الحكم الأول لم يكن منصفاً، لتُفتح محاكمة جديدة في تشرين الثاني الماضي، حيث طلب المدعي العام تبرئة كافة المتهمين لعدم كفاية الادلة.
وفاة المدعي
العام متأثرًا بإصابته خلال احتجازه في القصر العدلي

في هذا الوقت، عادت لتتفاعل يوم أمس مسألة قمع قوات الأمن التركية للتظاهرات التي حصلت عام 2013 في ساحة تقسيم وسط اسطنبول، ضد حكومة أردوغان آنذاك؛ إذ قامت «جبهة التحرر الشعبي الثوري» التركية باحتجاز المدعي العام محمد سليم كيراز في مكتبه بقصر العدل كرهينة. وكيراز هو المحقق في قضية وفاة مراهق يدعى بركين علوان عن عمر 15 عاماً في آذار من العام الماضي بعدما ظل في غيبوبة دامت تسعة أشهر اثر إصابته بقنبلة مسيلة للدموع خلال الاحتجاجات المذكورة.
وبحسب موقع الكتروني قريب من الجبهة نشر صورة للنائب العام وقد صُوب مسدس إلى رأسه، طالبت الجبهة باعتراف ضباط الشرطة بمسؤوليتهم عن وفاة المراهق، وبإسقاط الاتهامات عن المشاركين في الاحتجاجات، تحت طائلة قتل المدعي العام.
وسُمع دوي طلقين ناريين من الغرفة لدى محاولة قوات الأمن اقتحام مكتب كيراز ليعلن في وقت لاحق عن وفاة المدعي العام متأثراً بإصابته.
وقال مسؤولون في مكتب رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن الأخير التقى بوزراء الداخلية والدفاع الحاليين والسابقين في مقر حزب العدالة والتنمية بأنقرة لمناقشة المسألة.
وعقب نشر صورة المدعي العام والمسدس في رأسه، قرر المجلس الاعلى للوسائل السمعية البصرية التركية التعتيم على المعلومات ذات الصلة. وفي وقت متأخر من ليل أمس، نقلت «رويترز» عن شاهد أن طلقات رصاص وانفجارات سُمعت وانبعث دخان من المبنى، كذلك شوهدت سيارة اسعاف تهرع إلى الباب الخلفي مطلقة أبواقها.
وسبق ان أقدمت الجبهة على تنفيذ تفجير انتحاري استهدف السفارة الأميركية عام 2013، وعلى قتل شرطيين وسائح استرالي عام 2001 في هجوم في وسط اسطنبول. وتدرج تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الجبهة على قائمة المنظمات الإرهابية.
(الأناضول، أ ف ب، رويترز)