باريس ــ بسّام الطيارة
تشير آخر الاستطلاعات المنشورة في مجلة «باري ماتش» هذا الأسبوع، إلى أنّ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خسر 5 نقاط في نسبة تأييد الرأي العام له بينما تراجعت الثقة برئيس وزرائه فرانسوا فيون 9 نقاط.
وتشدّد التقارير والتعليقات على أن هذا التراجع منتظر لأسباب عديدة، في مقدمتها أن فريق ساركوزي لا يزال متردداً في «التشمير عن السواعد» للغوص في عملية الإصلاحات الضرورية، التي وعد فيها خلال حملته الانتخابية، والتي أوصلته إلى الإليزيه. ويرى بعض المراقبين أن كل ما قام به فريقه الحكومي هو إجراءات شبيهة بـ «تحريك هواء» له مفعول إعلامي كبير لا ينعكس تحسّناً ملموساً إذ إنه لا يلامس هيكلية الإصلاحات المنتظرة: «الهدايا الضرائبية» كانت للأغنياء فقط، وبورصة باريس تشهد تراجعاً كبيراً ومؤشّرات الناتج القومي أيضاً متراجعة في سياق خلل في ميزان المدفوعات لن يسمح للنمو الفرنسي بتجاوز نسبة 2 في المئة، وهو ما لا يسمح بتنفيذ أي وعد من وعود الرئيس. وقد جاء ارتفاع أسعار المحروقات في مطلع العام الدراسي ليزيد من تململ الطبقات الفقيرة والمتوسّطة التي تعيش أوقاتاً صعبة جداً في هذه الفترة وخصوصاً تحت وطأة ارتفاع حادّ لأسعار المواد الغذائية.
غير أن محلّلين يشيرون إلى أنه مثلما كان الأمر عندما تتراجع شعبيته، فساركوزي يلجأ إلى «التطرّف» لاسترداد بعض منها أكان في السياسة الداخلية عبر التشدد في قضية المهاجرين أم السياسة الخارجية عبر تسريب أخبار عن ضغط فرنسي لتشديد العقوبات على إيران «خارج إطار قرارات مجلس الأمن».
ففي هذا الأسبوع فقط، كشفت الصحافة الفرنسية عن ضغوط يمارسها الرجل القوي في الحكومة وأقرب المقربين لساركوزي، بريس هورتوفو، على محافظي المقاطعات لزيادة وتيرة طرد المهاجرين غير الشرعيين للوصول إلى «الهدف المنشود هذه السنة» أي إعادة 25 ألف مهاجر إلى بلادهم.
وفي خطوة متوازية، تبنّت لجنة القوانين في البرلمان، الذي يسيطر عليه حزب الرئيس، تعديلًا على مشروع قانون الهجرة المقترح من الحكومة يتيح اللجوء إلى «فحص الحمض النووي» لطالبي الهجرة إلى فرنسا، أي تأخير كل طلب تأشيرة لأكثر من 3 أشهر. وتشمل هذه الترتيبات الجديدة طالبي التأشيرات ضمن إجراءات «لمّ الشمل» التي تسمح بها القوانين الحالية، والتي يزيد عددها على 20 ألف طلب سنوياً».
إلّا أن هذا التوجه في زيادة التضييق على الهجرة الشرعية وغير الشرعية يصبّ في سياق موجة اليمين التي انتزعها ساركوزي من زعيمها جان ماري لوبان، وركب عليها ليصل إلى الإليزيه. وهي تشير بشكل ما إلى «توجّه عام للمجتمع الفرنسي» بسبب الأزمات الاقتصادية الدورية، التي ينسبها اليمين إلى وجود المهاجرين.
لا بدّ أن يكون ساركوزي قد انتبه إلى أنه فقد مرتبته الأولى في ميزان الشعبية في الإحصاءات الأخيرة لمصلحة رئيس بلدية باريس برنار دولانويه، بـ76 في المئة من أصوات المستطلعين في مقابل 62 في المئة للرئيس، وذلك بعد أقلّ من 4 أشهر في الحكم، فعاد و«استنجد» بضفّته اليمينية، بعدما استنفد ما يمكن قطفه في ضفة اليسار فدخل في مرحلة «قطيعة مع القطيعة».