strong>علي حيدر
إعلامــها يــرى انحــيازاً عربــيّاً وعالمــيّاً لصالحــها... و«مصلحــة» فـي مفاوضــة دمشـق

كشف رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، تساحي هانغبي، أمس أن «إسرائيل تأخذ التهديدات» التي أطلقها المسؤولون السوريون أخيراً «على محمل الجد»، مشيراً إلى أن تجارب الماضي «علّمتنا أن التصريحات المعادية من القادة السوريين تتبعها في بعض الأحيان أفعال».
وقال هانغبي، المقرّب من رئيس الوزراء ايهود أولمرت، إن «الجيش الإسرائيلي مستعد بشكل أفضل ممّا كان عليه السنة الماضية»، مشيراً إلى أن إسرائيل استخلصت العبر من حرب لبنان العام الماضي.
وعن سياسة الصمت التي تلتزمها إسرائيل حيال الغارة على سوريا، أوضح هانغبي أن الدولة العبرية «اعتمدت نهجاً أساسياً يقوم على عدم قول شيء عمّا حصل في 6 أيلول لأننا نمرّ بفترة توتر». وقال إن لإسرائيل مصلحة في عدم قول شيء وعدم إعطاء أي إشارة، لافتاً إلى أن «هذه السياسة أعطت نتائجها». لكنه أضاف إنه «لم يكن لدى اسرائيل من خيار سوى أن توصل إلى سوريا الرسالة بأننا لا نريد مواجهة لكننا على استعداد لها».
في هذا الوقت، وجدت وسائل الإعلام الإسرائيلية في ما نشرته الوسائل الأجنبية متنفّساً لها كي تتناول العملية الجوية الإسرائيلية بشيء من التفصيل، ولو استناداً الى مصادر خارجية، حيث رأت أن ما نشر حتى الآن بدأ يجلي الغموض، وأصبح بالإمكان تركيب الصورة الكاملة لما حدث ودوافعه.
وكشف المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن المؤسسة الإسرائيلية طلبت بشكل رسمي وغير رسمي أن «نحاذر من تحرير أي تناول للموضوع أو الكشف عن أي معلومات حيال ما حدث في سماء سوريا في السادس من أيلول، كما أن الرقابة العسكرية لا تسمح بنشر أي معلومات عن القضية»، في إشارة إلى أن ثمة معلومات متوافرة لدى بعض الصحافيين الإسرائيليين. والتزاماً بتوجيهات الرقابة، وضع هرئيل احتمالين للعملية الجوية الإسرائيلية، إمّا اختبار لمنظومة الدفاع الجوي، أو أنها عملية غير اعتيادية للغاية.
وفي موقف ينطوي على إقرار ونقد في آن معاً، رأى هرئيل أنه «لا يمكن اتهام دمشق بأنها لا تثق بالوعود الصادرة من القدس (الغربية) بأن وجهة إسرائيل ليست للحرب».
أمّا المحلل السياسي في «هآرتس»، آلوف بن، فقد أكد من جهته، أن الصمت الإسرائيلي إزاء العملية الجوية في سوريا ودوافعها «سيبقى على حاله في الفترة القريبة المقبلة، كما أن إسرائيل قررت عدم الرد على الشكوى التي قدمتها سوريا إلى الأمم المتحدة». وفي إشارة تعكس مدى انحياز العالمين العربي والدولي لمصلحة اسرائيل، رأى أن بإمكانها أن «تسجل لمصلحتها التجاهل البارز للادعاءات السورية من جانب جميع الحكومات الهامة في العالم، فالأوروبيون الذين يسارعون عادة إلى التنديد بإسرائيل بعد كل مس بالفلسطينيين، تجاهلوا الادعاءات حيال القصف الليلي الذي نفذه سلاح الجو في عمق الأراضي السورية، كما أن الدول العربية غضت الطرف». ورأى في ذلك «دعماً صامتاً» لإسرائيل، وإنجازاً أهم من النتائج التي كانت ستحقّقها إسرائيل جراء حملة إعلامية تقوم بها وتصف فيها سوريا بأنها جزء من «محور الشر».
الى ذلك، ذكر المعلق العسكري لصحيفة «معاريف»، عمير ربابورت، أنه حتى بعد تصاعد حدة التوتر، لا تزال تعلو أصوات واضحة في المنظومة الأمنية تؤيد تجديد المفاوضات السياسية بين إسرائيل وسوريا. ونقل ربابورت عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن «لإسرائيل مصلحة واضحة في إجراء مفاوضات سلام مع سوريا حتى لو لم ينتج منها شيء».
لكنه أوضح أن هناك موقفين في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حيال هذه المفاوضات، يترأس الأول رئيس وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العميد يوسي بايداتس الذي يؤكد أنه «على الرغم من تسلّحهم المتزايد إلا أن السوريين مهتمّون فعلاً بالتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل».
في المقابل، يقود رئيس شعبة الاستخبارات اللواء عاموس يادلين توجهاً مناقضاً، وبموجبه فإن «السوريين ليسوا مهتمين بالسلام مع إسرائيل لأنهم يصرون على إجراء مفاوضات كهذه بوساطة الولايات المتحدة لا مباشرة، ولأن سوريا تواصل السماح للفصائل الفلسطينية في ممارسة نشاطها في أراضيها». وبالرغم من ذلك، يرى يادلين أنه على «إسرائيل السعي إلى إجراء مفاوضات مع سوريا لأن الفوائد في هذه الخطوة أكثر من الأضرار ومن شأن ذلك أن يزيل التوتر بين الدولتين».