بغداد ـ زيد الزبيدي
باتت حكومة نوري المالكي قريبة جداً من فقدان الغالبية البرلمانية، التي كان يؤمّنها لها منذ تأليفها، الائتلاف العراقي الموحد الحاكم. ومع خروج نوّاب «الكتلة الصدرية»
من الائتلاف المذكور، رغم تأكيدها أنّ لا نية لديها «حالياً» لطرح الثقة بالتشكيلة الحكومية، وتهديد حزب الدعوة الإسلامية ـ «تنظيم العراق» بالانسحاب، تكون مسألة بقاء هذه الحكومة، كما إقرار عدد من القوانين «المهمّة» في البرلمان مهدّدة جدّياً


بعدما سبقها إلى تلك الخطوة كل من حزب الفضيلة وكتلة التضامن الشيعيَّين، نفذت «الكتلة الصدرية» التي يتزعّمها السيد مقتدى الصدر تهديدها، وانسحبت من «الائتلاف العراقي الموحّد» أول من أمس. وإذا نفّذ حزب الدعوة الاسلامية ـــــ فرع العراق تهديده الذي لوّح به أمس، باتخاذ الخطوة نفسها، يكون الائتلاف الحاكم خسر الغالبية التي سمحت لحكومة نوري المالكي بالبقاء.
ويبلغ عدد نواب البرلمان العراقي 275 نائباً. وليس مبالغة القول إنّ حزب الدعوة الإسلامية ـــــ فرع العراق، بات يمثّل الطرف الذي سيقرّر بقاء الغالبية لدى الحكومة أو عدمه، ذلك أنّ لدى هذا الحزب 13 مقعداً نيابياً، وهو الذي كان أحد المكوّنات السبعة الرئيسية التي تألّف منها «الائتلاف العراقي الموحّد»، وهي حزب الدعوة والمجلس الإسلامي الأعلى في العراق ومنظمة بدر وحزب الدعوة ـــــ تنظيم العراق والكتلة الصدرية وحزب الفضيلة والمستقلون. ومساء أمس، أعلنت كتلة «رساليون»، المنضوية سابقاً في «الائتلاف العراقي الموحد» انسحابها أيضاً دون توضيح الأسباب.
وهكذا، بات الائتلاف الحكومي يمتلك اليوم، حتى لو لم ينسحب «تنظيم العراق»، 134 نائباً، بينما يمتلك المعارضون 129 مقعداً، والمستقلّون 12. أمّا إذا انسحب، فيكون عدد نواب الموالاة 131 والمعارضين 142، بينما المستقلون 12.
وفي تصريح صحافي عقده في بغداد أمس، وصف رئيس كتلة حزب الدعوة ـــــ تنظيم العراق عبد الكريم العنزي، انسحاب التيار الصدري بأنه «انهيار للائتلاف». وقال العنزي: «نحن نبذل جهوداً من أجل لملمة الأمور، وسوف ننسحب في حال عدم نجاح ذلك، وسنفكّر عندها جدّياً في تأليف تحالف جديد مع التيار الصدري وحزب الفضيلة وآخرين».
وكشف العنزي أن السبب الحقيقي الذي يقف وراء قرار الكتلة الصدرية الخروج من الائتلاف الحاكم، بعدما كانت العنصر الأكثر فاعلية في إيصال المالكي إلى سدّة رئاسة الحكومة على حساب عادل عبد المهدي في أيار 2006، هو التحالف الرباعي الذي وقّعه أخيراً المالكي مع السيد عبد العزيز الحكيم والرئيس جلال الطالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، واستُبعد منه السيد مقتدى الصدر.
وأكّد العنزي أنّ الرئيس السابق للحكومة العراقية إبراهيم الجعفري والمؤيدين له في حزب الدعوة والتيار الصدري، حذّروا المالكي أثناء لقائهم به قبل تشكيل التحالف الرباعي، من عواقب هذا التشكيل «الذي سيؤدي إلى انهيار الائتلاف العراقي الموحّد»، وبأنه «لن تبقى له حينها أكثرية نيابية تساعده على الاستمرار في رئاسة الحكومة واتخاذ القرارات».
وكان النائب عن الكتلة الصدرية، فلّاح حسن شنشل، قد أعلن في وقت سابق من يوم أمس أن الصدر أصدر أمراً بتأليف هيئة سياسية جديدة للتيار، يرأسها وزير السياحة والآثار السابق لواء سميسم، عقب انسحاب كتلته من «الائتلاف العراقي الموحد» ليل أول من أمس.
وأكّد التيار أمس، أن انسحابه من قائمة «الائتلاف» الحاكم، لا يهدف إلى سحب الثقة من الحكومة، مشدداً على أن المشكلة الأساسية في العراق هي «الاحتلال» الأميركي.
من جهته، أكّد رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان نصار الربيعي، أن «كلّ الخيارات مفتوحة أمامنا»، مستبعداً تأليف تكتّل جديد، قائلاً: «لا نريد معالجة المشكلة بمشكلة أخرى، لأنّ التكتلات الحالية هي سبب الأزمة، ولا نريد أن نقوم بردود فعل غير مدروسة».
وتفاوتت ردود الفعل على قرار الكتلة الصدرية في أوساط مختلف الأحزاب العراقية. ففي وقت رحّبت فيه كتل «جبهة التوافق العراقية» و«القائمة العراقية الموحّدة» وحزب الفضيلة وكتلة التضامن (وهي جميعها أحزاب سبق أن انسحبت من الحكومة ومن الائتلاف الحاكم)، تفاوتت المواقف داخل الائتلاف نفسه.
ورأى النائب عباس البياتي أن «الانسحاب سيترك آثاراً على تركيبة الائتلاف الموحّد»، مؤكّداً أنه «لن نفرّط بالتيار الصدري، وسنُبقي قناة الحوار مفتوحة معهم لمعرفة أسباب الانسحاب ولإقناعهم بالعودة».
وبينما قلّلت مصادر في «الائتلاف» من أهمية انسحاب التيار، رأت مصادر أخرى أنه يؤشّر إلى وجود خلل فيه، وأنه سيؤدي إلى تعطيل أعمال البرلمان والتصويت على القوانين المطلوب إقرارها أميركياً، وفي مقدمها قانون النفط والغاز وقوانين المصالحة الوطنية.
ميدانياً، أعلن الجيش الأميركي الذي قُتل له عنصر في العراق أمس، اعتقال فلّاح خليفة هياس الجميلي، المعروف بلقب أبو خميس، وقال إنه قيادي في تنظيم «القاعدة»، وإنه المسؤول عن اغتيال رئيس مؤتمر صحوة الأنبار الشيخ عبد الستار أبو ريشة.
بدوره، أفاد مسؤول بارز في الداخلية العراقية بأن الداخلية وافقت على تأليف قوة جديدة بحجم لواء من الشرطة، تحت اسم «لواء الشهيد أبو ريشة»، لتُضاف إلى قوات الشرطة في مدينة الأنبار لضبط الأمن والاستقرار، ومطاردة عناصر تنظيم القاعدة.
كذلك قال شيخ عشائر شمّر فواز الجربا أمس، إنه نال موافقة رئيس الحكومة على تأليف «مجلس إنقاذ الموصل»، ليتولّى لمّ شمل قبائل محافظة نينوى في محاربة تنظيم «القاعدة»، على غرار ما حصل في محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين وبغداد.
هذا وأعلن التيار الصدري أمس مقتل مدير مكتبه في الرميثة (جنوبي العاصمة) في هجوم قرب منزله، واعتقال اثنين من قادته في محافظة بابل، مشيراً إلى أنّ الاحتلال الأميركي شنّ في اليومين الماضيين غارات على مدينة الصدر، مؤكّداً أنّ عدداً من المدنيين سقطوا بسببها. وكان نحو 30 عراقياً قد قُتلوا في نهاية الأسبوع، وخُطف 10 آخرين.