اليونانيّون يعاقبون «المحافظين» بتقليص كتلتهم البرلمانيّةتخطّى اليونانيّون «التأثير السياسي» للحرائق المدمّرة التي قتلت 65 شخصاً ودمّرت مساحات تقدر بآلاف الآكرات من أراضي الغابات والأراضي الزراعية الشهر الماضي، وصفحوا عن الحكومة المحافظة بقيادة كوستاس كرامنليس، بالتصويت في الانتخابات البرلمانيّة أوّل من أمس لبقائها في الحكم لفترة ثانية مدّتها 4 سنوات، مانحين لها الضوء الأخضر للمضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية والتعليمية وتلك الخاصّة بنظام المعاشات.
وأعلن كرامنليس (52 عاماً)، رئيس «حزب الديموقراطية الجديدة» وابن شقيق رجل الدولة الراحل قسطنطين كرامنليس، انتصاره بعدما أقرّ منافسه الرئيسي، زعيم «الحزب الاشتراكي» المعارض (باسوك)، جيورجوس باباندريو (55 عاماً)، بالهزيمة، وقال: «لقد منحتمونا تفويضاً واضحاً بالاستمرار في الإصلاحات التي تحتاج إليها البلاد، وأشعر بمسؤولية مضاعفة لأن أكون أكثر فاعلية وأن أتحاشى الأخطاء».
ورغم فوزهم، فإنّ المحافظين فقدوا، على ما يبدو، بعض الدعم بعدما آثر قسم من الناخبين أن يكونوا أقلّ صفحاً واختاروا الميل نحو عدد كبير من الأحزاب الصغيرة عقب سلسلة من الفضائح المالية بالإضافة إلى حرائق الغابات. فقد حاز «الديموقراطي الجديد» على 41.8 في المئة من الأصوات، ونال 152 مقعداً برلمانياً من أصل 300 مقعد (خسر 13 مقعداً)، فيما منح الناخبون 38.1 في المئة من أصواتهم للاشتراكيّين. ونال حزب «لاوس» اليميني المتطرّف 3.7 في المئة من الأصوات، متجاوزاً بذلك النسبة المطلوبة لدخول البرلمان وقدرها 3 في المئة، فيما فاز «الحزب الشيوعي اليوناني بـ 8.15 في المئة من الأصوات (22 مقعداً) والتحالف اليساري «سيريزا» بـ 5 في المئة من الأصوات (14 مقعداً).
وبينما يشير المراقبون إلى أنّ الأحزاب الصغيرة هي الفائز الأكبر في هذه الانتخابات، تظهر النتائج الأوليّة أنّ الناخب اليوناني قد أدار ظهره للاشتراكيين الذين يشكّلون المعارضة الرئيسية، بخسارتهم 15 مقعداً. وعلّق باباندريو على ذلك بالقول: «سمعنا الاحتجاجات تنبعث من بين أنقاض الحرائق والفضائح، إلّا أنّ النتائج تُظهر لنا أيضاً صورة أكبر، لقد قالوا لنا إنّنا أيضاً مسؤولون عمّا حدث للبلاد».
وفي انتصاره الكاسح عام 2004، الذي أنهى 11 عاماً من حكم الاشتراكيين، فاز «الديموقراطية الجديدة» بـ 45.36 في المئة من الأصوات و165 مقعداً في مجلس النواب. وتراجع عدد مقاعده البرلمانيّة في هذه الجولة سيزيد من صعوبة قيام الحكومة الجديدة بتنفيذ الإصلاحات التعليمية والاقتصادية التقشفية التي يقول محللون إنها ضرورية «لنقل البلاد إلى الأمام».
ويُنظر إلى الانتخابات باعتبارها محورية بالنسبة إلى تطبيق إصلاحات مطلوبة في ثاني أفقر اقتصاد في منطقة الـ«يورو»، بعد البرتغال، ومنها إصلاح نظام المعاشات الذي يواجه مخاطر الإفلاس في غضون 20 عاماً واستكمال مسيرة الخصخصة، ومعالجة معضلة أنّ نحو 20 في المئة من السكّان يعيشون تحت خطّ الفقر.
وانطلاقاً من ثقته في تحقيق نصر سهل، كان كرامنليس، الذي أشاد الاتحاد الأوروبي بنجاحه في خفض العجز وخلق آلاف الوظائف رغم معدّل البطالة المرتفع، قد دعا في آب الماضي إلى انتخابات مبكرة، إلّا أنّه لم يكد يمرّ أسبوع واحد حتى وجد نفسه يواجه انتقادات حادّة في شأن بطء حكومته ورد فعلها المشوّش على كارثة حرائق الغابات.
أمّا الاشتراكيون، الذين يعانون أيضاً آثار الفضائح التي سادت في فترة حكمهم، فإنّهم لم يستفيدوا على ما يبدو في حملتهم الانتخابية من المتاعب التي تواجهها الحكومة.
(أ ب، رويترز، د ب أ)