القدس المحتلة، القاهرة، واشنطن ــ الأخبار
مع بدء زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس لإسرائيل والأراضي الفلسطينية تمهيداً لمؤتمر السلام المرتقب في تشرين الثاني المقبل، بدا أمس أن هناك توجّهاً عربياً لشهر سيف المقاطعة لهذا المؤتمر، في ظل معطيات تفريغه من مضمونه، في الوقت الذي أبدت فيه واشنطن إصراراً على استبعاد دمشق عن اللقاء الدولي، في رفض غير مباشر للمطالبة العربية بـ«شمولية الحلّ».

وقال مساعدون للرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس إنه يتعرض لضغوط من حركة «فتح» كي لا يحضر مؤتمر السلام الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش من دون التأكّد من نتائجه ومن سيشارك فيه. لكنهم أشاروا إلى أن عباس يؤمن بضرورة الاستمرار في التحضير للاجتماع.
وقال أحد هؤلاء المساعدين، لوكالة «رويترز»، «يمكننا العيش من دون مؤتمر، لكن لا يمكننا العيش مع مؤتمر يفشل».
وأكد رئيس الكتلة البرلمانية لحركة «فتح»، عزام الأحمد، أن «الجانب الفلسطيني يجب ألّا يشارك في اجتماع لا يشمل كل الأطراف العربية المعنية». وفي تناغم مع تلويح عباس بالمقاطعة، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية، في بيان له أمس، أن المجلس يريد أن يكون مؤتمر السلام «شاملاً ومتوازناً»، وألا يكون هدفه مساعدة الأميركيين على الخروج من «المأزق العراقي».
بدوره، قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، لوكالة «رويترز»، إنه «ينبغي ألّا يكون المؤتمر مجرد واحد من تلك الاجتماعات للمصافحة وإصدار بيان ختامي يجسّد مواقف عامة. نريد تفاصيل». وأضاف «نحن جادون هذه المرة. إذا كانت المسألة شكلية هذه المرة، فنحن لسنا مهتمين. هناك إصرار داخل المجموعة العربية على عدم الاستخفاف بهم أو التسليم بالأمر على ما هو عليه».
وقال موسى إنه «ليس هناك استعدادات. لا شيء بشأن المشاركين. لا شيء بشأن جدول الأعمال. لا شيء بشأن النتائج ولذلك لا يمكننا حقاً التحدث عن المؤتمر الدولي كما لو كنا في مرحلة إعداد جاد».
وفي القاهرة، رجّحت مصادر غربية لـ «الأخبار» مقاطعة الرئيس المصري حسني مبارك لمؤتمر السلام في ضوء «بوادر مرحلة فتور جديدة في العلاقات المصرية ـــــ الأميركية». ورأت المصادر نفسها أن «المبالغة التي اتّسم بها رد الفعل الرسمي المصري حيال تقرير لجنة الحريات الدينية الأميركي يعدّ إشارة واضحة إلى أن القاهرة تريد تصعيد الأمور وخلق أجواء أزمة وعلاقات متوترة مع الولايات المتحدة على نحو يسمح للرئيس مبارك بالاعتذار عن عدم المشاركة في أعمال المؤتمر».
ومن المقرّر أن تبدأ رايس اليوم زيارة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، تجري خلالها محادثات في القدس المحتلة ورام الله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وعبّاس، من أجل حثهما على اتخاذ مزيد من الخطوات في تطوير الأفق السياسي بين الجانبين بما يمكن من إنجاح «الاجتماع الدولي».
غير أن مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ولش أعرب عن تفاؤل حذر في ما يتعلق بالاجتماع الدولي. وقال، في مؤتمر صحافي، إنه يتوقّع أن يضع الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي تفاهماتهما كتابياً، لكنه رفض تحديد الشكل الذي ستكون عليه الوثيقة التي يمكن التوصل إليها قبل الاجتماع الدولي أو خلال المحادثات التي تجريها رايس في القدس ورام الله.
وفيما رفض ولش الإجابة عن سؤال حول احتمال دعوة سوريا إلى الاجتماع الدولي، نقلت صحيفة «هآرتس» عن أكاديميين إسرائيليين قولهم إن أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أبلغهم الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة تعارض مشاركة سوريا في مؤتمر السلام «لكون النظام السوري لا سامياً، وهو في حلف استراتيجي مع إيران».
وأضافت «هآرتس» إنه رداً على تساؤلات الأكاديميين الإسرائيليين بشأن استعداد سوريا للاستجابة للشروط الأميركية، بما في ذلك تقليص دعمها لـ«حماس» وحزب الله، قال المسؤول الأميركي إن «سوريا في حلف استراتيجي مع إيران، وتساعد على قتل الجنود الأميركيين في العراق، وتساند منظمات إرهابية فلسطينية، ومصمّمة على تجديد سيطرتها على لبنان».