موسكو ــ حبيب فوعاني
جاءت الزيارة الثالثة لوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إلى موسكو تكملة لأخرى قام بها زميله في وزارة النفط حسين الشهرستاني إلى العاصمة الروسية في بداية آب الماضي، والتي لم يتمّ التوصّل خلالها إلى حلّ حول مشاركة الشركات الروسية في إعادة إعمار العراق والديون الروسية المترتّبة عليه، وهو ما أعاده المراقبون إلى أن الشهرستاني لم يكن مخوّلاً بصلاحيات كافية لإجراء المباحثات.
ويبدو أنّ زيارة زيباري، التي بدأت الثلاثاء الماضي وتختتم اليوم، هدفها تأكيد استعداد بغداد لتقديم بعض التسهيلات للشركات الروسية، إلّا أنّ ذلك سيكلّف موسكو غالياً. فبحسب بعض الأرقام، سيكون ثمن السماح لروسيا بالوصول إلى عقود المقاولات، وخصوصاً في قطاعي النفط والطاقة، 9 مليارات دولار على الأقلّ. ذلك أنّ موسكو مستعدّة لإلغاء 90 في المئة من الديون العراقية المستحقّة، البالغة 10 مليارات دولار، بينما يبلغ مجموعها، حسبما أفاد زيباري لصحيفة «فريميا نوفوستيي» 13 ملياراً.
وكانت مسألة إحياء التعاون الثنائي، الاقتصادي الطابع، محور المباحثات بين زيباري والقائم بأعمال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والقائم بأعمال وزير الصناعة والطاقة، فيكتور خريستينكو. ويؤكد زيباري «أننا بحاجة إلى مساندة ومساعدة جميع الدول النافذة، بما فيها روسيا».
وبحسب المراقبين الروس، فإنّ موقف بغداد «غير البنّاء» هو الذي عرقل إحياء التعاون الثنائي بين البلدين؛ وترى موسكو أن العقود، التي حصلت عليها الشركات الروسية في عهد الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين، لا تحتاج إلى إعادة نظر، في حين كانت تصرّ السلطات العراقية الجديدة على أن العقود أُبرمت من دون مراعاة للقوانين العراقية، وخصوصاً عقود الشركات النفطية، التي حصلت على حقوق استغلال حقول النفط العراقية بغير مناقصة.ورغم أنّ طلب موسكو الأخذ بالاعتبار استعدادها لإلغاء الديون العراقية لم يثر حماسة بغداد، إلّا أنّ السلطات العراقية أدركت، في نهاية الأمر، أن التعاون مع روسيا نافع للجانبين، ربما لأنّ القسم المهم من المنشآت الصناعية العراقية، والتي تحتاج اليوم إلى التحديث أو إعادة الإنشاء، كانت قد بُنيت بمشاركة المختصّين السوفيات.
وهو ما أكّده لافروف بالقول إنّ «المحطات الحرارية ـــ المائية في مختلف المناطق العراقية قد بنيت بمساعدتنا، وهي تحتاج إلى التحديث، في حين أن مجموعة كاملة من شركاتنا على استعداد للقيام بهذا العمل، والجانب العراقي ينظر باهتمام إلى هذه المبادرة».
أما زيباري، فقد أشار من جهته إلى أنّ «السوق العراقية مفتوحة للمشاركة التنافسية، ولا تفضيل لأحد منها لدينا، بل اهتمام في مجالات معينة».
وبالنسبة لقطاع النفط، نوّه وزير الخارجية العراقي، بعد اجتماعه برئيس شركة «لوك ــ أويل»، وحيد الأكبيروف، بأنّ الأخير «مهتم جداً جداً» بإنعاش عقد حقل «القرنة الغربيّة ــ 2»، الذي يُقدّر مخزونه الاحتياطي بـ 3 مليارات طن من النفط، والتي نالت «لوك ــ أويل» عام 1997 حقّ تطويره واستثماره. وعلى الرغم من تأكيد زيباري إلغاء هذا العقد عام 2002، إلّا أنه أعلن دعوة الجانب العراقي للأكبيروف إلى زيارة العراق لإجراء المفاوضات، ووعد بأن تأخذ الحكومة العراقية بالحسبان خبرة الشركة وقيامها بأبحاث جيولوجية حول هذا الحقل.