strong>محمد بدير
أبقى وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، على الغموض الذي تنتهجه حكومته حيال العدوان الجوي الذي نفذته مقاتلات إسرائيلية على سوريا قبل نحو أسبوعين، رافضاً، خلال مقابلة مع صحيفة «معاريف» أمس، التطرق للحدث. لكن رغم ذلك، ألمح مراسل الصحيفة الذي أجرى المقابلة، بن كسبيت، إلى إقرار ضمني لباراك بالهجوم من خلال حديثه عن تفضيل وزير الدفاع اعتماد «نظرية أبو جهاد» في هذا الموضوع، في إشارة إلى اغتيال القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية، خليل الوزير، في تونس عام 1988.
ومعروف أن وحدة نخبة إسرائيلية قامت بتنفيذ العملية في حينه، إلا أن تل أبيب لم تتبنّها بشكل رسمي. ونسب كسبيت إلى باراك تصوراً عن هذا الأمر مفاده: «لماذا نتحمل مسؤولية شيء من دون أن نضطر إلى ذلك؟ وإذا كان من الممكن القيام بأمور كبيرة من دون الانجرار إلى الحرب، فيجب القيام بها ومنع الحرب».
وتحدث باراك، في المقابلة التي أجريت معه بمناسبة مرور مئة يوم على شغله لحقيبة الدفاع، عن أولويات وزارته، فرأى أنها تتلخص في تركيز الجهود أولاً على بناء منظومة مضادة للصواريخ متعددة الطبقات، ومن ثم تحسين القدرات البرية بما في ذلك تحصين المدرعات إضافة إلى استكمال بناء الترسانة التسليحية واستكمال التدريبات اللازمة، وخاصة بالذخيرة الحية. وبعد ذلك تعزيز القدرات الجوية انطلاقاً من أن «على المنطقة أن تعود إلى إدراك أن لدينا ذراعاً طويلة ولن نتردد في استخدامها».
ورأى باراك، في سياق الحديث عن الحرب، أنه ينبغي التريث وإعداد كل الخيارات ورسم كل السيناريوات واختيار الأفضل منها، مشيراً إلى أن إسرائيل «قوية، وعليها أن تعرف ما هو الأهم والأشد خطورة. وإذا أردنا التوجه إلى الحرب فعلينا فحص احتياطي السلاح والخطط والمخاطر التي قد تتعرض لها الجبهة الداخلية وكل ما سيحدث، ويجب اتخاذ القرار من بين سلسلة من الخيارات الواضحة والجاهزة».
وأعرب باراك عن اعتقاده بأن رئيس وزارئه، إيهود أولمرت، يدرك أنه أخطأ في إدارة العدوان على لبنان، وقد استوعب ذلك، مشيراً إلى أنه الآن «أعد نفسه بهدوء أعصاب وانضباط ذاتي، واتخذ القرارات بصورة متوازنة».
ورداً على سؤال عن تعهده تقديم موعد الانتخابات عند نشر التقرير النهائي للجنة فينوغراد، شدد باراك على أنه عند كلمته، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «أحداث الأسابيع الأخيرة غيرت النظرة للمدى العمري لهذه الحكومة» لجهة زيادة استقرارها. وبرغم ذلك، قدر رئيس الحكومة الأسبق أن نشر تقرير فينوغراد «لن يحدث بالسرعة التي يعتقدها البعض»، مرجحاً تأخر حصوله إلى العام المقبل، وفي هذه الحالة سيكون موعد الانتخابات المتفق عليها نهاية 2008، أو حتى في عام 2009.
وعلى الصعيد السياسي، رأى باراك أنه يجب «تعزيز مكانة (الرئيس الفلسطيني) أبو مازن و(رئيس حكومة الطوارئ) سلام فياض وإضعاف حماس». واستدرك متحفظاً بالقول: «إن المراهنة على إملاء الأمور عليهم ليست موجودة لدينا، كما أننا لسنا قادرين على ذلك. إن حماس وفتح ليستا الشيء نفسه، لكنهما وجهان للذراع الوطنية نفسها، وتتنافسان في ما بينهما». وأضاف، ملخصاً مقاربته لهذا الملف: «في المقابل لا يجب أن تكون قدرتنا على الحفاظ على أمننا محدودة، نحن نريد آفاقاً سياسية، لكن حدود ذلك تقف عند المسؤولية الأمنية».
وفي ما يتعلق بالحصيلة المطلوبة برأيه للاتصالات القائمة بين عباس وأولمرت، قال باراك: «ليست لدي مشكلة بصدد بيان مشترك غير ملزم ولا يدق المسامير في تفاصيل الاتفاق. لكنّ من يريد الذهاب أبعد من ذلك عليه أولاً أن يجري نقاشاً معمقاً في داخلنا. ما هي مصالحنا الحيوية وما الذي يوجِد لدينا استعداداً للمساومة عليه؟ وهل الجانب الآخر قادر في ظل القيادة الحالية على توفير البضاعة المطلوبة؟ وما هي احتمالات فشل المفاوضات؟ ما هي مخاطر مثل هذا الفشل؟ هل هذه مجرد أحاديث عن الأجواء؟ وهل توقيع الاتفاق مع طرف واحد يمكن أن يصمد في ظل الواقع الحمساوي؟».