strong>يبدو واضحاً أن لغة الحرب لم تعد مقبولة في الشارع الغربي، حيث باتت أروقة السياسة تضج بمناهضي العسكرة. هذا ما أكدته الحشود التي تصدّت أمس لوزير خارجية فرنسا برنار كوشنير في واشنطن، الذي اضطَّر إلى أن يوضح رؤيته «لاحتمال الحرب»، وإن نعت المحتجِّين بـ«الأغبياء»
شجبت باريس وواشنطن أمس جريمة اغتيال النائب اللبناني أنطوان غانم، وأشارتا إلى أن «المجرمين» ينوون تعطيل الحياة الدستورية في هذا البلد. كما اتفقتا على ضرورة فرض عقوبات على إيران، وذلك خلال لقاء عُقد أمس بين وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ونظيرته الأميركية كوندوليزا رايس.
وجاء في بيان مشترك قرأه كوشنير بالإنكليزية خلال مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية الأميركية، أن البلدين يعتبران أن هناك «ضرورة ملحة لإجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان وفقاً للمعايير والمهل التي ينص عليها الدستور اللبناني». وأضاف البيان إن «الولايات المتحدة وفرنسا حريصتان، مع شركائهما داخل مجلس الأمن، على حماية هذه العملية وحماية الحوار اللبناني ـــــ اللبناني». وتابع البيان إن «فرنسا، بصفتها رئيسة لمجلس الأمن، متمسكة تماماً» بهذا الأمر، والوصول «إلى هذه النتيجة لن يسجل هزيمة للقتلة فحسب، بل أيضاً انتصاراً لشعب لبنان وطوائفه».
وأكد البيان أن الولايات المتحدة «تدين بأقصى التعابير شدةً هذا الاغتيال الوحشي لأنطوان غانم». وشدّد البلدان على أن «الخطورة اليوم تكمن في رغبة القتلة في المساس بالحياة الدستورية في لبنان وحرمان الشعب اللبناني وطوائفه حقوقهما السياسية في إطار لبنان موحّد سيد وديموقراطي».
وشدّد كوشنير ورايس على أن إقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري «يدل على تصميم المجتمع الدولي على عدم السماح ببقاء هذه الجرائم من دون عقاب».
وأعلنت رايس أنها أجرت مع كوشنير «محادثات معمّقة في شأن الوضع في إيران، وضرورة موافقة هذا البلد على المطالب العادلة للمجتمع الدولي، ووقف برنامجه للتخصيب وإعادة المعالجة، والتقيد بقرارات مجلس الأمن»، مؤكدة أن الحل الدبلوماسي هو المفضل.
وأوضحت رايس أن فرنسا والولايات المتحدة اتفقتا على ضرورة فرض عقوبات ضد إيران. وقالت «أعتقد بشكل أساسي أن لا اختلاف في شأن نظرتنا الى الوضع في إيران، وما ينبغي للمجتمع الدولي القيام به».
وعن طبيعة العقوبات المفترضة، التي بدأ أمس المديرون السياسيون للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا مشاورات بشأنها في العاصمة الأميركية، قالت رايس «هناك إجراءات عديدة قمنا باتخاذها من تجميد أصول الأفراد، وحظر إعطاء تأشيرات دخول.. أعتقد أن هناك عدداً من الوسائل التي نستطيع من خلالها توسيع هذه الجهود».
أمّا كوشنير، فأوضح بدوره أن الدول الأوروبية تدرس عقوبات يمكن أن تستهدف المصالح المصرفية والصناعية في إيران. وقال إن باريس ستدفع أوروبا من أجل أداء دور كبير في الشؤون الدولية، لكن ليس على حساب نفوذ الولايات المتحدة، مضيفاً إن «أوروبا القوية بالتأكيد لا تتناقض مع العلاقات عبر ـــــ الأطلسي».
وفي واشنطن أيضاً، تصدَّى محتجّون لوزير الخارجية الفرنسي ليُبدّد فكرة أنه يؤيد الحرب ضد إيران. وردّ كوشنير باللغة الإنكليزية، أثناء إبعاد حراس الأمن للمتظاهرين، الذين كانوا يصيحون «لا للحرب في إيران»، من قاعة استقبال فندق في العاصمة الأميركية، «أنا موافق يا أغبياء».
وفي السياق، ذكرت شبكة «إيريب» التلفزيونية الإيرانية أن كوشنير اتصل أمس بكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي لاريجاني لتوضيح تصريحاته التي فسّرت على أنها دعوة إلى شن حرب على إيران. ونقلت «ايريب» عن كوشنير قوله إنه أسف لتفسير وسائل الإعلام لتصريحاته.
وعبّر كوشنير عن تأييده للاتفاقية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. واقترح أن يزور المدير العام للوكالة محمد البرادعي طهران للكشف عن كل نقاط الغموض المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، بحسب «ايريب»، التي نقلت عن كوشنير تأكيده رغبته في زيارة إيران لإزالة سوء التفاهم.
(أب، أ ف ب، مهر، إرنا، رويترز)