strong>بول أشقر
يُحتمل أن يعود الرئيس البيروفي السابق ألبرتو فوجيموري إلى بلاده، التي حكمها 10 سنوات (بين عامي 1990 و2000)، اليوم، بعدما قرّرت المحكمة العليا في تشيلي، حيث يخضع للتوقيف الاحترازي منذ عام 2005، تسليمه.
وكان فوجيموري، الذي صدرت بحقّه مذكّرة جلب من «الإنتربول» عام 2003، قد انتقل في رحلة سرية من اليابان، التي لجأ إليها بعد خروجه من السلطة، إلى تشيلي في نهاية عام 2005، في محاولة منه للاقتراب جغرافياً من البيرو والترشّح للانتخابات الرئاسية التي كانت متوقعة بعد أشهر في ربيع عام 2006. وفي تموز الماضي، فشل فوجيموري، الذي يمتلك الجنسية اليابانية، في نيل مقعد في المجلس النيابي الياباني، في محاولة يائسة للحصول على حصانة قبل قرار المحكمة العليا، وهو ما دفع بطوكيو إلى رفض تسليمه أكثر من مرة إلى البيرو.
وجرى اعتقال فوجيموري في اليوم التالي لوصوله إلى تشيلي، بطلب من القضاء البيروفي. وقرّر قاض في تشيلي رفض طلب سانتياغو، التي عادت وطعنت أمام المحكمة العليا، التي صادقت أمس على الأحكام في 7 من القضايا الـ 13 التي كان يطالب قضاء البيرو بتسليمه بسببها، بينها قضيّتان تتعلقان بمسائل جرمية وحقوقيّة، وخمس تتعلّق بتهم فساد.
وإثر صدور قرار المحكمة العليا، اتّصلت الرئيسة التشيليّة ميشال باشليه بنظيرها البيروفي ألان غارسيا بيريز، لإبلاغه شخصياً القرار والتشاور معه في الخطوات اللاحقة. وقال رئيس حكومة البيرو، خورخي ديل كاستيّيو، إن بلده تلقّى القرار بـ«هدوء» وإنّ فوجيموري سيحظى بمحاكمة عادلة.
أما أنصار الرئيس العائد، الممثَّلون بكتلة في البرلمان، فأشاروا إلى أنّ المحكمة التشيلية قد «برّأته من نصف التّهم، وسيتمتع الآن بفرصة لإثبات براءته من التهم الباقية». كذلك طالبت المحكمة، على حدّ قولهم، بالتعاطي معه بـ«احترام يليق برئيس سابق» وتمنّت أن يتمتّع بالضمانات نفسها التي تمتّع بها آخرون مثل الرئيس بيريز.
والتلميح مقصود هنا لأنّ الصدفة شاءت أن يكون بيريز، الذي خلفه فوجيموري عام 1990، هو اليوم في سدّة الرئاسة مجدداً منذ إعادة انتخابه عام 2006. وكان بيريز قد لوحق، بعد خروجه من السلطة، بقضايا فساد، تقادمت لدى عودته إلى بلاده عام 2000 آتياً من فرنسا. وترشح عام 2001 إلى الرئاسة ووصل إلى الدورة الثانية، ثم نجح في الدورة الثانية عام 2006 مستفيداً من الخوف الذي كان يولّده منافسه أولانتا هومايا، المقرّب من الرئيس الفنزويلي اليساري هيوغو شافيز.
قصّة صعود وهبوط فوجيموري، المهندس الزراعي الذي لقبه الفقراء بـ«الصيني»، تلخّص بذاتها تاريخ عقد التسعينيات في البيرو. فهو ابن مهاجرين يابانيين، نجح في الفوز على الكاتب الشهير فارغاس لوسا، المرشّح الأول لملء الفراغ الذي تركه إفلاس رئاسة بيريز التي عرفت ذروة الانفلات الأمني، حيث كانت المنظمة الإرهابية «سينديرو لومينوزو» (الدرب المستنير) ترهب الأرياف، والانهيار المالي، حيث وصل التضخم إلى نسبة 7600 في المئة. وتميّز عهد فوجيموري بخصخصة الاقتصاد وبإدراك نموّ لافت وبشنّ حرب ظافرة بالقضاء على التضخم الجنوني وكذلك على الإرهاب. وبعد سنتين على تسلّمه الرئاسة، قام فوجيموري بـ«انقلاب ذاتي» إذ أقفل الكونغرس من أجل التمهيد لتعديل الدستور والترشّح مجدّداً إلى انتخابات فاز بها بسهولة، وكرّسها اعتراف الولايات المتحدة بشرعيّتها. وقد ترشّح مرة ثالثة عام 2000، ونُصّب رئيساً، إلّا أن تعاظم الحركة الاعتراضية سرعان ما تحوّل إلى أزمة سياسية قاتلة لولايته الجديدة، وهو ما دفعه إلى استغلال مناسبة زيارة رسمية إلى آسيا واللجوء إلى اليابان حيث قدّم استقالته من منصب الرئاسة. إلّا أن الكونغرس رفضها وأصرّ على إقالته وتجريده من حقوقه السياسية وملاحقته قضائياً.