باريس ــ بسّام الطيارة
استغلّ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مداخلته التلفزيونية أوّل من أمس، لإعادة تثبيت ما بات معروفاً وملموساً، وخلاصته «أنّه الحكم الفصل» في كلّ شاردة وواردة في تفاصيل الحياة السياسية الفرنسية، أكان ذلك على الصعيد الداخلي أم على صعيد السياسة الخارجية.
فبعدما تكاثرت الشائعات عن «تغيير حكومي» قد يطال نصف الوزراء، أكّد ساركوزي أنّ الحكومة تعمل جيّداً لتنفيذ برنامجه، ونفى «تململ» رئيس وزرائه، فرنسوا فييون، الذي نوه بعمله. إلّا أن وزير الخارجية، برنار كوشنير، الذي احتلّت تصريحاته «الساحة الإعلامية» وشغل العالم بحديثه عن «الحرب على إيران»، نال انتقاداً غير مباشر حين قال سيّد الإليزيه: «لو كنت محلّه لما استعملت كلمة حرب»، وذلك رغم عرض كوشنير «التوجّه إلى طهران»، الذي نشرته صحيفة «لو فيغارو».
وفي ما بدا تخفيفاً للهجة الانتقاد، استطرد ساركوزي ونوّه بما قام به كوشنير في لبنان ودارفور. إلّا أنّ البعض يرى في هذا إعادة تقويم لما كان متفقاً عليه بين السياسيّين من ضرورة ترك الملفّ الإيراني كما هو الأمر في الملفّ الفلسطيني لكي تتم معالجتهما في «خلية الإليزيه فقط».
وكان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفرنسيّة، دافيد مارتينو، قد أشار إلى سحب المعالجة المباشرة للملفّ الإيراني من يد وزير الخارجية، حين أكّد حرص بلاده على تجنّب «السيناريو الكارثي»، وإن شدّد على أنّ «فرنسا لن تقبل امتلاك طهران لأسلحة نووية»، مذكّراً بـ«الحوافز الكثيرة التي قدمتها الدول الأوروبية» إلى إيران في مقابل تعليق أنشطتها النووية. وشدّد مارتينو على أن «فرنسا تسعى لدفع مجلس الأمن إلى تبنّي قرار ثالث» ضد إيران لزيادة الضغوط، وصولاً إلى حلّ سياسي، واصفاً المفاوضات في شأن هذا القرار بأنها «صعبة ومعقّدة» وأنّه سيكون «نتيجة تسوية» بين الدول النافذة. وأشار إلى أنّ ساركوزي سيناقش الموضوع على هامش اجتماعات الجمعية العامّة للأمم المتحدة في نيويورك الاثنين والثلاثاء المقبلين.
ومن المعروف أنّ ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا تعارض بقوة زيادة الضغوط وتفضل ترك الوكالة الدولية لطاقة النووية «للقيام بعملها»، بحسب مصدر دبلوماسي مقرّب من الملفّ.
وفي هذا السياق، يشير المراقبون إلى أنّ «المبادرة الحربية الفرنسية» قد انكفأت بعد ردّة الفعل التي أثارتها تصريحات كوشنير بين الشركاء الأوروبيين، وحتى داخل الوسط السياسي الفرنسي، وأنّ ساركوزي يحاول التخفيف من حدّتها «مع التذكير برفض حصول طهران على قنبلة نووية».
وترفض الدوائر الفرنسية الربط بين الملفين اللبناني والإيراني. إلّا أنّه، رغم «التنويه الرئاسي بدور كوشنير في لبنان»، يبقى أنّ باريس شدّدت خلال اليومين الماضيين على «الدور البناء الذي تقوم به إيران في إيجاد حلّ في لبنان». ومارتينو نفسه أوضح أنّ إيجاد حلّ للوضع في لبنان يتطلّب «مشاركة كلّ الأطراف الإقليمية من خلال حلّ يمرّ عبر الحوار فقط».