برلين ــ غسان أبو حمد
ميــركل تستضيــف الدالاي لاما... فتلغــي بكّيــن لقاءً بيــن وزيــري خارجيــة البلديــن


توتّرت العلاقات الألمانية ـــــ الصينية، وباشرت بكين أمس التعبير عملياً عن استيائها من استقبال ألمانيا رئيس مقاطعة «التيبت» الصينيّة، الراهب البوذي الدالاي لاما «رسمياً على أراضيها»، في خطوة تهدد بأزمة، يُرجّح ألّا تصل حد القطيعة بين البلدين.
وتلقّت وزارة الخارجية الألمانية أمس رسالة رسمية من نظيرتها الصينية، تفيدها بإلغاء موعد «محادثات الصبحية السياسية»، المقرّرة اليوم بين وزيري خارجية البلدين، الألماني فرانك والتر شتاينماير والصيني لي زياو زينغ، على هامش انعقاد الدورة الـ62 للجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في نيويورك.
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، توماس شتيغ، ربط أسباب إلغاء المحادثات «الثنائية التقليدية»، بحادثة اللقاء الرسمي الذي تمّ بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والدالاي لاما في برلين أوّل من أمس، خلافاً لرغبة القيادة الصينية. واكتفى بالردّ على أسئلة الصحافيين بالتذرّع بأسباب «دبلوماسية وتقنية» تتعلّق بتضارب المواعيد.
وحاول تبرير اللقاء المذكور بالإشارة إلى أن نوعاً كهذا من اللقاءات متعارف عليه في «القاموس الدبلوماسي»، ويهدف إلى تقريب وجهات النظر، مشدّداً على أهميّة «الحفاظ على العلاقات الجيّدة مع الصين وتعميقها»، التي تمثّل الشريك التجاري الأكبر لألمانيا في منطقة آسيا ـــــ المحيط الهادئ.
فبعد لقاء امتدّ ساعة في مبنى المستشاريّة مع الدالاي لاما، أعربت ميركل عن دعم بلادها لجميع الخطوات السلمية الإصلاحية البعيدة عن العنف، وعن ضرورة منح «تيبت» حريته وهويته الثقافية الحقيقية، بعدما سيطرت عليه القوّات الصينيّة عام 1950 وطاردت «زعيمه الروحي»، الذي فرّ بعد 9 أعوام إلى منفاه الهندي ولا يزال فيه، رافعاً شعار «استقلال التيبت».
وأكّد مستشار ميركل، كريستوف هوسغين، للسفير الصيني إلى برلين، ما كانرونغ، أنّ الدعم الرسمي للحريّة الفكريّة والحضاريّة في «التيبت» لا يعني أنّ برلين تدفع نحو استقلال الإقليم وانسلاخه عن الصين.
وفي السياق، أعربت وزيرة العدل الألمانيّة، بريجيت زيبريس، التي تدير مع الجانب الصيني دورة حوار حول «القوانين الدولية»، عن أملها بعودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين. وأشارت، في حديث لصحيفة «برلينر تسايتونغ»، إلى إمكان تجاوز البلدين لهذه «العقبة الدبلوماسية الطارئة»، مؤكّدةً متابعة جلسات الحوار حول «الحريات الشخصية والعامة» مع الجانب الصيني، لكن في موعد آخر.
ومن جهتها، رأت الأحزاب الألمانية أن لقاء ميركل ـــــ دالاي لاما «طارئ وضروري». وأكّد نائب رئيس البرلمان (بوندستاغ)، فولفغاناغ تيرزيه، في حديث لإذاعة «راديو إينفو»، أنّ ألمانيا تدعم المسار الديموقراطي في جمهورية الصين، ولا مصلحة تدعوها إلى تعكير صفو العلاقات الاقتصادية الناجحة بين البلدين. وقال «نحن نملك الحرية والحق بالتحدّث إلى جميع الناس». وفي حديث مع وكالة «فرانس برس»، قال رئيس قسم الأبحاث حول الصين في «معهد العلاقات الدوليّة» الألماني، فرانك أومباخ، إنّ الردّ الصيني ممكن أن يكون «عاصفة في فنجان». ولفت إلى أنّه «من المهمّ جدّاً للصينيّين حفظ ماء الوجه، وردّ الفعل ليس مفاجئاً». معرباً عن اعتقاده بأنّه «لن يحصل ضرر بالغ».
على صعيد آخر، فاجأت الصحافة الألمانية الصادرة هذا الأ سبوع، وبينها مجلّة «درشبيغل»، القرّاء بصورة للمركبة السوفياتية «سبوتنيك» على غلافها، مع عناوين وصور تذكّر بالتطوّر العلمي قبل نصف قرن، والذي حوّلته «مصالح» الدول الكبرى إلى نزاع وحروب للسيطرة على الكواكب والنجوم.
ووسط هذا الغليان، الذي تجري المحادثات لتبريده في الأمم المتحدة، أعادت الصحافة الألمانية تذكير القراء بملفات المناخ وتطوّرات الكائنات على كوكب الأرض. وبعيداً عن اللغة العلمية، نقلت صحيفة «هاندلز ـــــ بلات»، عن خبراء الجو والمناخ معلومات تطالب بالإسراع بتبريد الأجواء والمحافظة على مستوى الطبقات الجوية والمناخ، وبالتالي ضرورة المحافظة على سلامة ونقاوة وتبريد طبقة «الأوزون» قبل 10 سنوات على المعدّل الزمني الذي أقرّه «بروتوكول» مؤتمر المناخ الذي انعقد في مونتريال، في كندا الأحد الماضي، وجرى الاتّفاق والتوقيع عليه من جانب 191 دولة.
ويأتي التقويم الجديد في أعقاب البيانات «المخيفة» التي نُشرت مطلع الشهر الجاري عن الاتجاهات التي تمّت ملاحظتها بالنسبة إلى التغيّر المناخي منذ عام 1990 وحتى اليوم. وكانت هذه البيانات قد شملت في حينه مراقبة مستويات غاز «ثاني أكسيد الكربون» في طبقات الجو ودرجات الحرارة ومستويات البحار، وقورنت هذه النتائج بالتغيرات التي تم توقّعها في تقرير اللجنة الحكومية عن التغير المناخي الصادر عام 2001.
وأوضحت الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية أن منسوب مياه البحر كان يرتفع بمقدار 3.3 ميلليمترات كل عام في الفترة ما بين 1993 و2006. وحذّر الخبراء الألمان من أن التقديرات الجديدة لمعدّل ارتفاع منسوب مياه البحر خلال الـ20 عاماً الماضية تمّ بوتيرة أسرع بنسبة 25 في المئة من أي فترة 20 عاماً على مدى الـ115 عاماً الماضية.
وفي السياق، كشفت دراسة جديدة في ألمانيا، حملت عنوان «ثمن التغير المناخي»، أنّ هذا التغيّر قد يتسبب في وفاة نحو 20 ألف شخص حتى عام 2100، خصوصاً من كبار السن الذين لا يتحملون درجات الحرارة الشديدة الارتفاع.
وجاء في الدراسة، التي نشرها معهد «كيلر للاقتصاد الدولي» بتكليف من مؤسّسة البيئة، أنّ ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 32 درجة مئوية وخصوصاً في المدن الكبرى المزدحمة بالسكّان، قد يؤدّي إلى إنهاك القلب والرئتين وهو ما يهدّد بدوره بتضاعف عدد الوفيات في حال عدم الوقاية.

كشفت دراسة جديدة في ألمانيا، نشرها معهد «كيلر للاقتصاد الدولي» وحملت عنوان «ثمن التغير المناخي»، أنّ هذا التغيّر قد يتسبب في وفاة نحو 20 ألف شخص حتى عام 2100، وخصوصاً من كبار السن الذين لا يتحملون درجات الحرارة شديدة الارتفاع