نيويورك ــ نزار عبّود
بوش يتوعّد «الإيديولوجيا الظلاميّة» وساركوزي مع «الحزم بالحوار»... وتشافيز الغائب الحاضر

أثار الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال افتتاحه أعمال الدورة الـ 62 للجمعية العامّة للأمم المتحدة في نيويورك أمس، عدداً من النقاط الساخنة في العالم، التي تضطلع فيها المنظمة الدولية بمسؤوليات متفاوتة، مشدّداً على أنّ «التعددية الدولية عادت».
كلمته تبعتها أخرى للرئيس الأميركي جورج بوش، آثر فيها عدم الانغماس بملفّي إيران واحتلال العراق، عكس نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي، لفت إلى أنّ حلّ نزاعات الشرق الأوسط مفتاح للسلام العالمي، محذّراً من «مخاطر لا يمكن حسبان عواقبها»، إذا سُمح لطهران بامتلاك سلاح نووي.
«ساعة التاريخ تدقّ في مصلحتنا، وعالمنا يعتمد بعضه على بعض أكثر فأكثر، ويعترف بأنّ الأمم المتحدة هي السبيل الأمثل، وفي الواقع الأوحد، لمواجهة تحديات المستقبل». عبارة أطلقها بان، في كلمته خلال الجمعيّة الأولى التي يحضرها بعد تولّيه منصبه في كانون الثاني الماضي، قبل التأكيد أنّ «العراق أصبح مشكلة العالم أجمع»، والدعوة إلى «إنهاء العنف والاحتلال (في الشرق الأوسط) وإنشاء دولة فلسطينية تعيش في سلام مع نفسها ومع إسرائيل» وإلى ضرورة تحقيق «سلام إقليمي شامل بين إسرائيل والعالم العربي».
وبعدما أعرب الزعيم الأممي، أمام 193 من زعماء العالم، عن ثقته بالتوصل إلى حلّ سلمي للملف النووي الإيراني، موضحاً أن «هدفنا النهائي يبقى في استكمال إزالة أسلحة الدمار الشامل»، قال ساركوزي إنّ من حق الجمهوريّة الإسلاميّة امتلاك الطاقة النووية السلمية، «لكن إذا سمحنا لإيران بامتلاك السلاح النووي فسنتحمّل مخاطرة لا يمكن حسبان عواقبها بالنسبة إلى استقرار المنطقة والعالم»، مشدّداً على أنّ الأزمة يمكن حلّها «بالموقف الحازم مع الحوار».
وشنّ بوش هجوماً على عدد من الدول التي رأى أنها من أتباع «ايديولوجية العنف والتهديد لحضارة الشعوب في كل مكان»، وطالب بتضافر جهود العالم لمواجهتها، عبر تشاطر المعلومات عن «شبكاتها وخنق مصادر تمويلها، وإلقاء القبض على أعضائها وقتلهم»، مشيراً إلى أنّ السبيل للقضاء على الإرهاب يتمّ من خلال «هزم الإيديولوجيا الظلامية بالحرية».
وأضاف بوش «نعمل معاً على إزالة أسلحة الدمار الشامل». كما حضّ الأمم المتحدة على أن تنشر سريعاً قوة لحفظ السلام في دارفور في غرب السودان حيث تجري «إبادة». وأشار إلى «إخفاق مجلس حقوق الإنسان الذي يركّز على إسرائيل»، وطالب الأمم المتحدة «بإصلاحه»، موضحاً أنّ بلاده تدعم «دخول اليابان وغيرها إلى مجلس الأمن لإدخال إصلاح أوسع للمجلس».
ورأى بوش أنّ بيلاروسيا وسوريا وإيران وبورما وزمبابوي وكوبا وكوريا الشمالية، هي على رأس الدول التي «تقهر شعوبها وتحرمهم الحقوق الأساسية التي نص عليها».
ودفع تصريح بوش عن أنّ «الحكم الدكتاتوري» في كوبا «يقترب من نهايته، وستحلّ الحرية محلّه»، بوزير الخارجيّة الكوبي، فيلييه بيريز روكي، إلى مغادرة القاعة بسبب «الملاحظات السيّئة». وأصدرت البعثة الكوبية لدى الأمم المتحدة بياناً جاء فيه إنّ «بوش المجرم» مسؤول عن مصرع 600 ألف عراقي، وسمح بتعذيب السجناء في غوانتانمو وباختطاف الناس ويفتقر إلى الصدق والأخلاق.
وأعلن بوش عقوبات أميركية جديدة على المجموعة العسكرية الحاكمة في بورما (ميانمار)، التي «تنشر الرعب» في البلاد. وقال إنّ «الأميركيّين مستاؤون جدّاً» من الأوضاع هناك.
وفي وقت لاحق، أعلن ساركوزي أنّ فرنسا لن تقبل بقمع التظاهرات في ميانمار، مشيراً إلى أنّه سيستقبل مسؤولين من المعارضة البورمية في المنفى في باريس للإعراب لهم عن دعمه.
وفي السياق، حضّ الأوروبيون المجلس العسكري الحاكم في بورما على إحلال الديموقراطية أخيراً في البلاد.
عدم تطرّق بوش إلى الأوضاع في العراق، استعاض عنه بمؤتمر صحافي بعد لقاء مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، هو الأوّل منذ ارتكبت الشركة الأمنية «بلاك ووتر» الأمنية الأميركية الخاصة مجزرة في بلاد الرافدين. وحضّ بوش العراقيين مجدداً على تبنّي «قوانين لا بد منها للمصالحة»، مؤكّداً دعمه للمالكي رغم بطء الإصلاحات العراقية.
وقال بوش إنّ حليفه العراقي منصرف بصدق لتنفيذ الإصلاحات السياسية. وتوجّه إلى «الأحزاب السياسية التي يُفترض بها أن تدرك أهمية إقرار هذه القوانين»، قائلاً إنّ «بعض السياسيين يبدون كأنّهم يعرقلون هذه القوانين من أجل تحقيق منافع خاصة»، فيما اكتفى المالكي بالقول إنّ «المهمّة التي تنتظرنا كبيرة جداً».
وتجدر الإشارة إلى أنّه، بعد إلقاء كلمته أمام الجمعيّة العامّة، التقى أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، وزيرة الخارجيّة الإسرائيلية تسيبي ليفني، حسبما ذكر دبلوماسيّون إسرائيليّون لوكالة «أسوشييتد برس».
أمّا الرئيس البرازيلي لويس اغناسيو لولا دا سيلفا، فحثّ، خلال كلمته، المجتمع الدولي على التمثّل بسياسات بلاده والترويج للطاقة البيولوجيّة، كطريقة لتقليل انبعاث الغازات الحارّة، وتحقيق استقلال في مجال الطاقة.
وفي إشارة انتقاد واضحة إلى بوش، الذي التقاه أوّل من أمس، قال الزعيم اليساري إنّه «علينا تخطّي المنطق غير المواكب لحركة التاريخ والتافه القائم على أنّ الأرباح والثروات يمكن أن تنمو حتّى الأبد من دون تكاليف»، محذّراً من أنّ «هناك أثماناً لا يمكن إلّا أن تتحمّلها البشرية».
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الإعلام الفنزويليّة أنّ الرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز، قرّر إلغاء زيارته إلى الأمم المتحدة للمشاركة في الجمعيّة العامّة، بسبب مشكلة في جدول مواعيده. وسيمثّل تشافيز وزير خارجيته، نيكولاس مادورو.
وقال تشافيز إنّه «سيتابع بانتباه كلّ خطاب ومداخلة»، مشيراً إلى أنّه سيستقبل في كراكاس اليوم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي ألقى في وقت متأخّر من ليل أمس، كلمته أمام الجمعيّة العامّة.
إلى ذلك، وافق مجلس الأمن الدولي على نشر قوة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في شرق تشاد وشمال شرق جمهورية أفريقيا الوسطى لحماية المدنيين المتضررين من النزاع في إقليم دارفور المجاور. والقرار، الذي عرضته فرنسا وتبنّاه الأعضاء الـ 15 بالإجماع، يتعلّق بمهمّة لشرطة الأمم المتحدة بدعم عسكري من الاتحاد الأوروبي، لمدّة سنة، بعدما كانت الدول الأوروبية الـ27 قد وافقت عليه مبدئياً في نهاية تمّوز الماضي.